الإنسان ذلك التائه بين الآلية والحيوانية ، لا هو تلك ، ولا هو هذه ، إنه مهيء لاكتشاف العلوم الطبيعية الهندسية ، ما لبثت أن استاجبت له وسلمت أمام غزو عقله لها ، ولكن عقله هذا ، وطبيعته ، لا تناسبان لاكتشاف ذاته ، فالله تكفل بذلك .
ثم إن هذا من رحمته - عز وجل - أنه لم يترك أمر نفسه ، ومنهج الإنسان في الحياة ، لشهواته ، وهواه ، وضعفه ، وجهله .. ولكن أكمل نعمه ورعايته ، فتولى هذا الجانب ، الذي يعلم - سبحانه - أن الإنسان لا يقدر عليه قدرته على المادة ، ولا يعلم بمقتضياته علمه بقوانين المادة .
الإسلام ومشكلات الحضارة .. سيد قطب