السبت، 19 يوليو 2008

مدارس السخط القطبية


فالسخط هو دليل الحيوية الكامنة ، والرضى بهذه الحال المائلة نوع من اليأس والتشاؤم يقتل الأمم ، أو يؤدى بها إلى الاضمحلال ، [ وللسخط مدارس وعددها بعدد المسخوط عليهم ] :



1- مدرسة للسخط على رجال السياسة الذين يتهاترون ، ثم يتحدون أمام " دار الحماية التى هى دار السفارة " الإنجليزية .


2- مدرسة للسخط على الكتاب والصحفيين الذين لعب الساسة بضمارهم وذممهم .


3- مدرسة للسخط على الوزراء الملهوفين على مقعد الوزارة لمجرد الجلوس لا خدمة الشعب .


4- مدرسة للسخط على الباشوات وغيرهم ، ممن يعملون أعضاء بمجالس الشركات ليكونوا ستارا لها فى استغلال الشعب واستغفاله ، " وَمَا يَأكلُون فِى بُطونِهم إلا النَّارَ " !


5 - مدرسة للسخط على الأرستقراطيين ذوى الأصول المشكوك فيها ، ممن يشمئزون من الفلاحين وأبناء الشعب .


6- مدرسة للسخط على غير الأرستقراطيين من أبناء الشعب الذين يسخطون على " مجانية التعليم " وغيرها من الخدمات الشعبية .


7- مدرسة للسخط على الإذاعة التى تنقل ما فى المواخير والصالات إلى كل بيت ، وعلى نفقة الشعب .


8- مدرسة للسخط على الصحافة الداعرة التى تسمى نفسها " صحافة ناجحة " وفى الوقت ذاته تخدم الاستعمار وتثبط الجهاد ضده .


9- مدرسة للسخط على الشعب ذاته ، لأنه يسمح بكل هذه " المساخر " ، ويتقبل كل تلك الأوضاع دون أن ينتفض .


سيد قطب : فى مقال بعنوان " مدارس للسخط - مجلة الرسالة - 30 سبتمبر 1964

خيبة الحرب العالمية الثانية .. ورجعة العلمانية المصرية


صبغ المشهد الثقافى المصرى إبان الحرب العلمانية الأولى بصبغة عالمية ، قامت على أكتاف أدباء ومثقفو تلك الفترة من هيكل والمازنى والعقاد وسلامة موسى والزيات وأحمد أمين وطه حسين الذين تشدقوا للغرب روحا وعقلا ن ثقافة وحضارة ، أدبا وعلما ، ولكنها ما لبثت أن انقشعت سحب الحرب عن نتائجها المخيبة لآمال الأمة وقتئذ ، حتى شعر الناس بالضياع ، عاميهم ونخبهم ، وعند ذلك فقط لجئوا إلى الدين مرة أخرى ، وتخلوا نسبيا عن أقنعة العلمانية ، حتى بلور ذلك محمد حسين هيكل فى مفتتح كتابه " فى منزل الوحى " :


" حاولت أن أنقل لأبناء لغتى ثقافة الغرب المعنوية ، وحياته الروحية ، لنتخذها جميعا هدى ونبراسا . لكننى أدركت بعد لأى أننى أضع البذر فى غير منبته ، فإذا الأرض تهضمه ثم لا تتمخض عنه ، ولا تبعث الحياة فيه . وانقلبت ألتمس فى تاريخنا البعيد فى عهد الفراعين موئلا لوحى هذا العصر ينشىء فيه نشأة جديدة ، ، فإذا الزمن ، وإذا الركود العقلى قد قطع ما بيننا وبين ذلك العهد من سبب قد يصلح بذرا لنهضة جديدة ، وروأت فرأيت أن تاريخنا الإسلامى هو وحده البذر الذى ينبت ويثمر ، ففيه حياة تحرك النفوس ، وتجعلها تهتز وتربو "


... مما جعل المستشرقين يصفون تلك الحقبة بـ " مرحلة الرجعية " فى تطور مصر الثقافى خلال الحقبة الليبرالية الوطنية ( 1919 - 1952 ) مقابل " المرحلة التقدمية " - كما سموها - التى بلغت ذروتها عقب الحرب العالمية الأولى .


د.على شلش ( بتصرف ) : التمرد على الأدب - دار الشروق