الاثنين، 13 ديسمبر 2010

العظـَمة


العظمة أمر وراء العلم والشعر ، والإمارة والوزارة ، والثروة والجاه ، فالعلماء والشعراء والنبلاء كثيرون ، والعظماء منهم قليلون ، وإنما هى قوة روحية موهوبة غير مكتسبة تملأ نفس صاحبها شعورا بأنه رجل غريب فى نفسه ومِزاج عقله ونزعات أفكاره وأساليب تفكيره غير مطبوع على غِرار الرجال ، ولا مقدود على مثالهم ، ولا داخل فى كلية من كلياتهم العامة ، فإذا نزلت نفسُه من نفسه هذه المنزلة أصبح لا ينظر إلى شىء من الأشياء بعين غير عينه ، ولا يسمع بأذن غير أذنه ، ولا يمشى فى طريق غير الطريق التى مهدها بيده لنفسه ، ولا يجعل لعقل من العقول مهما عظم شأنه وشأنُ صاحبه سلطانا عليه فى رأى أو فكر أو مشايعة لمذهب أو مناصبةٍ لطريقةٍ ، بل يرى لشدة ثقته بنفسه ، وعلمه بضعف ثقة الناس بنفوسهم أن حقا على الناس جميعا أن يستقديوا له ، وينزلوا على حكمه ويترسموا مواقع أقدامه فى مذاهبه ومراميه فترى جميع أعماله وآثاره غريبة نادرة بين آثار الناس وأعمالهم تبهر العيون ، وتدهش الأنظار ، وتملأ القلوب هيبة وروعة ..

ليس معنى الوجود فى الحياة أن يتخذ المرء لنفسه نفقا يتصل أوله بباب مهده وآخره بباب لحده ثم ينزلق فيه انزلاقا من حيث لا تراه عين ولا تسمع دبيبه أذن حتى يبلغ نهايته ، كما تفعل الهوام والحشرات والزاحفات على بطونها من بنات الأرض ، وإنما الوجود قرع الأسماع ، واجتذاب الأنظار ، وتحريك أوتار القلوب ، واستثارة الألسنة الصامتة وتحريك الأقلام الراقدة ، وتأريث نار الحب فى نفوس الأخيار ، وحمرة البغض فى نفوس الأشرار ، فعظماء الرجال أطول الناس أعمارا وإن قصرت حياتهم ، وأعظمهم حظا فى الوجود وإن قلت على ظهر الأرض أيامهم .

كن الناطق الذى تحمل الريح صوته إلى مشارق الأرض ومغاربها ، ولا تكن الريح التى تختلف إلى آذان الناس بأصوات الناطقين من حيث لا يأبهون لها ، ولا يعرفون لها يدها ، كن النبتة النضرة التى تعتلج ذراتُ الأرض فى سبيل نضرتها ونمائها ، ولا تكن الذرة التى تطؤها الأقدام ، وتدوسها الحوافر والأخفاف .

كن زعيم الناس إن استطعت ، فإن عجزت فكن زعيم نفسك ..

المنفلوطى : النظرات - الجزء الثالث

الأربعاء، 23 يونيو 2010

المماليك التجارية .. يهود العصور الوسطى فى الغرب


ويمكننا أن نشبه أعضاء الجماعات اليهوديةفى العصور الوسطى (فى الغرب) بالمماليك، وهم جماعة وظيفية أخرى كانت تعمل بالقتال. فأعضاء الجماعة اليهودية كانوا ملكية خاصة للإمبراطور، وهم مثل المماليك مختلفون إثنيا ووظيفيا (ومختلفون كذلك دينيا فى حالة اليهود) عن بقية أفراد الشعب. وقد كانت وظيفتهم ، محاربين أو تجارا، تتطلب أن يظلوا غرباء عن المجتمع. فالتجارة كانت نشاطا كريها ولم تكن قط نشاطا أساسيا فى العصور الوسطى ، أما القتال فقد كان وظيفة غير محببة ويتطلب تملك ناصيتها قدرا من التفرغ. ومع هذا لم يكن اليهود مماليك مسلحين . وقد يكون من المناسب أن نسميهم "المماليك التجارية" .

وكان المماليك التجارية داخل الحضارة الغربية، مثلهم مثل المماليك، أداة استغلال ومحط كراهية الجماهير، وكانوا عزلا غير مسلحين، وقد كانت خطورة وضعهم داخل الحضارة الغربية كامنة فى النظر إليهم باعتبارهم جماعة تكتسب طابعا عاما مجردا، فكان الهجوم مثلا على اليهود يُنظر إليه وكأنه اقتحام أحد المصارف أو تحطيم لآلات المصنع على نحو ما كان يفعل العمال فى أوربا فى القرن التاسع عشر الميلادى. ويمكن النظر إلى عملية طردهم باعتبارها كانت تساوى عملية تأميم رأس المال الأجبنى، تماما مثلما يحدث الآن فى بلاد العالم الثالث عندما تظهر طبقة تجارية محلية تضطلع بأعمال التجارة والمال، أو حينما تقوم الدولة ذاتها بهذه الوظائف فتؤمم البنوك وتطرد العنصر الأجبنى.

عبد الوهاب المسيرى .. اليهود فى عقل هؤلاء

الجمعة، 21 مايو 2010

أشلاء تركستان


وبعد أن استعمر الروس بلاد تركستان ، شرعوا فى تنفيذ مخططهم السوفيتى لتفتيت وتمزيق شمل هذه الشعوب الإسلامية ، وقطع الصلات بين حاضرها وماضيها والقضاء على ديانتها ومدنيتها من أجل نشر الإلحاد والشيوعية بين أرجائها .


ففى خلال النصف الأول من القرن العشرين قام البلاشفة الشيوعيون عملا بالسياسة الاستعمارية "فرِّق تسد" بتفريق وتمزيق الشعوب التركستانية المسلمة إلى عدة قوميات مستقلة ، نسبة إلى المقاطعات على أساس لهجاتهم المختلفة التى تنتمى فى الأصل إلى لغة واحدة ، وأسموها جمهوريات ، فأقيمت فى القوقاز وهى بلاد الكرج وجورجيا وأذربيجان وداغستان وبلاد الشركس والأرمن وأيديل أورال والقرم جمهوريات ضمت إلى الاتحاد السوفيتى كما جزئت تركستان الغربية - بعد أن ضمت الصين تركستان الشرقية إلى حوزتها - إلى ست جمهوريات هى : أوزبكستان وتاجكستان وقازاقستان وقيرغيزستان وقراقلباقستان ، وأصبحت تحت نفوذ السوفيت ، وحُكموا حكما مباشرا .


وإمعانا فى خلخلة تجمعاتهم الإسلامية ، وقطع صلاتهم بين حاضرهم وماضيهم والقضاء على مدنيتهم ، قامت الحكومة السوفيتية بنفى الآلاف من الأتراك المسلمين إلى مجاهل سيبيريا ، واستقدمت ألوفا مؤلفة من الروس والسلاف والأوكران إلى هذه البلاد .


فنجد مثلا أن الروس أصبحوا يشكلون الآن 43% من سكان جمهورية قازاقستان ، وانخفض عدد المسلمين بها إلى 52% بعد أن كانوا يشكلون نحو 70% من سكانها ، كما أصبح العنصر الروسى يشكل 29% من سكان جمهورية قيرغيزستان ، وانخفضت نسبة المسلمين إلى أقل من 75% بعد أن كانت تشكل 92% من مجموع سكانها .


شيرين عبد المنعم : مسلمو تركستان والغزو السوفيتى

الجمعة، 25 ديسمبر 2009

الحب بين ابن حزم وابن داوود


وقد صنف ابن داود مادة كتابه فى خمسين بابا؛ اختصرها ابن حزم فى ثلاثين؛ مع تعديل فى صياغة العناوين . ونلاحظ أن مدلولات وصياغات أبواب الأول أكثر عمقا وبلاغة من صياغات الثانى ، ولا أقل من إثبات التصنيفين معا ليقف القارىء على مصداقية ما نذهب إليه .

أما عن تصنيف أبو داود؛ فهو كالتالى :
  1. من كثرت لحظاته دامت حسراته .

  2. العقل عند الهوى أسير ، والشوق عليهما أمير .

  3. من تداوى بدائه لم يصل إلى شطائه .

  4. ليس بلبيب من لم يصف به لطبيب .

  5. إذا صح الظفر وقعت الغير .

  6. التذلل للحبيب من شيم الأديب .

  7. من طال سروره قصرت شهوره .

  8. من كان طريفا فليكن عفيفا .

  9. ليس من الظرف امتهان الحبيب بالوصف .

  10. سوء الظن من شدة الفتن .

  11. من وفى له الحبيب هان عليه الرقيب .

  12. من منع من كثير الوصال قنع بقليل النوال .

  13. من حجب عن الأحباب تذلل للحجّاب .

  14. من منع من الوصول اقتصر على الرسول .

  15. من أحبه أحبابه وشى به أترابه .

  16. من لم يعاتب على الذلة فليس بحافظ للخله .

  17. من عاتب على كل ذنب أخاه فخليق أن يمله ويقلاه .

  18. بعد القلوب على قرب المزار أشد من بعد الديار من الديار .

  19. ما عتب من اغتفر ولا أذنب من اعتذر .

  20. إذا ظهر الغدر سهل الهجر .

  21. من راع الفراق ملكه الاشتياق .

  22. قل من سلا إلا غلبه الهوى .

  23. من غلبه هواه على لصبر صبر لمن يهواه على الغدر .

  24. من تجلد على النوى فقد تعرض للبلا .

  25. فى الوداع قبل الفراق بلاغ إلى وقت التلاق .

  26. ما خلق الفراق إلا لتعذيب العشاق .

  27. من غاب قرينه كثر حنينه .

  28. من لم يلحق بالحمول بكى على الطلول .

  29. من قصر عن مصاحبة الجار لم ينفعه مساءلة الدار .

  30. من منع البراح تشوق بالرياح .

  31. فى لوامع البروق أنس للمستوحش المشوق .

  32. فى تلهب النيران أنس للمدنف الحيران .

  33. فى نوح الحمام أنس للمنفرد المستهام .

  34. من امتحن بالمفارقة والهجر اشتغل فكره بالهيافة والزجر .

  35. فى حنين البعير المفارق أنس لكل صب وامق .

  36. من فاته الوصال نعشه الخيال .

  37. من منع النظر استأنس بالأثر .

  38. من حجب عن الأثر تعلل بالذكر .

  39. مسامرة الأوهام والأمانى سبب لتمام المعانى .

  40. من قصر نومه طال ليله .

  41. من غلب غراه كثر بكاه .

  42. نحول الجسد من دلائل الكمد .

  43. طريق الصبر بعيد وكتمان الحب شديد .

  44. من غلب صبره ظهر سره .

  45. من لم يقع له الهوى باكتساب لم ينزجر بالعتاب .

  46. من قدم هواه قوى أساه .

  47. من شابت ذوائبه جفاه أحبابه .

  48. من يئس ممن هواه فلم يلتفت من وقته سلاه .

  49. لا يعرف المقيم على العهد إلا عند فراق أو صد .

  50. قليل الوفاء بعد الوفاة أجل من كثيره وقت الحياة .

أما عن تصنيف ابن حزم فهو كالتالى:


  1. الكلام فى ماهية الحب .

  2. باب علامات الحب .

  3. باب من أحب فى النوم .

  4. باب من أحب بالوصف .

  5. باب من أحب من نظرة واحدة .

  6. باب من لا يحب إلا مع المطاولة .

  7. باب من أحب صفة لم يستحسن بعدها غيرها .

  8. باب التعريض بالقول .

  9. باب الإشراة بالعين .

  10. باب المراسلة .

  11. باب السفير .

  12. باب طى السر .

  13. باب الإذاعة .

  14. باب الطاعة .

  15. باب المخالفة .

  16. باب العاذل .

  17. باب المساعدة من الإخوان .

  18. باب الرقيب .

  19. باب الواشى .

  20. باب الوصل .

  21. باب الهجر .

  22. باب الوفاء .

  23. باب الغدر .

  24. باب البين .

  25. باب القنوع .

  26. باب الضنى .

  27. باب السلو .

  28. باب الموت .

  29. باب قبح المعصية .

  30. باب فضل التعفف .

د.محمود إسماعيل : الحب عند ابن حزم الأندلسى وابن داود الأصفهانى

البحث العلمى .. غربيا


ويعلم الذين يعرفون كيف يصنع القرار فى أمريكا وأوربا وإسرائيل أن الجامعات هناك لا تبحث عن العلم من أجل العلم، ولا تبحث عن المعرفة من أجل الارتقاء بإنسانية الإنسان وشبكة علاقاته بالمنشأ والحياة والمصير، وإنما هم يبحثون عن المعرفة والعلم باعتبراهما عنصرا من عناصر القوة الازمة للنجح فى عملية الصراع الدولى على ثروات الأرض - كما تقرر فلسفة الدارونية الاجتماعية social Darwinism وكما كتب أخيرا - ألفن توفللر فى كتابه - تحول القوة Power shift - ولذلك يتكامل عندهم عمل الجامعات ومراكز البحوث مع عمل المؤسسات الاقتصادية والسياسية والعسكرية، ومن قاعات هذه المعاهد العلمية تبدأ عملية -صنع القرار- حيث يتم جمع المعلومات من قبل الأساتذة والباحثين وتحليلها ومناقشتها من قبل مندوبين عن المؤسسات العلمية والاقتصادية والسياسية والعسكرية والتربوية ثم يقوم هؤلاء المندوبون بنقل المحصلة إلى - جماعات تخطيط السياسة Policy Planning Groups ، ومنهم إلى مراكز صنع القرار Decision Making ، ومنها إلى جماعات صنع الرأى Opinion Making حيث يتم إضافة الذرائع والتبريرات والشعارات والمصطلحات التى يراد إعلانها لتهيئة الرأى العام لدعم تنفيذ القرارات والالتفاف حولها فى الداخل، وتبريرها وحشد الأنصار لها فى الخارج، ثم ينتقل القرار إلى دوائر صنع القانون Law Making لإعطائها السند القانونى، وتتم هذه الخطوة من قبل رئاسة الدولة والبرلمان والكونغرس، وأخيرا إلى مؤسسات التنفيذ المباشر - التى تتكون فى الغالب من ثلاث مؤسسات : المؤسسة السياسية، والمؤسسة العسكرية، والمؤسسة التبشيرية - الخيرية ، حيث تقوم الأولى بوضع السياسات المرحلية وتنفيذها، وتقوم الثانية بممارسة القوة لتفعيلها، وتقوم الثالثة بتلطيف آثار العدوان والجراحات العملية لتغطية الآثر السلبية التى تحدثها المؤسسة السياسية والمؤسسة العسكرية. أى أن القرار يبدأ - أفكارا ومناقشات - وينتهى أعمالا وممارسات تنفذ على المسرحين الداخلى والخارجى وبذلك يصبح العلم فى عداد العلم الذى ينفع، وتتحول الأقوال إلى أعمال .

ماجد عرسان الكيلانى: هكذا ظهر جيل صلاح الدين .. هكذا عادت القدس

الأحد، 22 نوفمبر 2009

يا زمان الوصل بالأندلس


جادك الغيث إذا الغيث همى .. يا زمان الوصل بالأندلس

لم يكن وصلك إلا حُلُما .. في الكرى ، أو خُلسة المختلس

إذ يقود الدهر أشتات المنى .. تنقل الخطو على ما يرسمُ

زمراً بين فُرادى وثُنى .. مثلما يدعو الوفود الموسُـم

والحيا قد جلّل الروض سنا .. فثغور الزهر عنه تبسمُ

وروى النعمان عن ماء السما .. كيف يروي مالك عن أَنس

فكساه الحسنُ ثوباً مُعْلَما ..يزدهي منه بأبهى ملبسِ


في ليالٍ كتمت سرّ الهوى .. بالدجى لولا شموسُ القمرِ

مال نجم الكأس فيها وهوى .. مستقيم السير سعد الأَثرِ

وطرٌ ما فيه من عيب سوى .. أنه مرّ كلمْحِ البصرِ

حين لذّ الأنسُ شيئاً أو كما .. هجم الصبحُ هجوم الحرسِ

غارت الشهبُ بنا أو رُبّما .. أثرت فينا عيون النرجس


يا أُهيْلَ الحيّ من وادي الغضى .. وبقلبي سكنٌ أنتم بِه

ضاق عن وجدي بكم رحْبُ الفضا .. لا أبالي شرْقه من غرْبِه

فأعيدوا عهد أُنسٍ قد مضى .. تُعتقوا عانيكم من كرْبِه

واتقوا الله وأحيوا مُغرما .. يتلاشى نفساً في نَفسِ

حبس القلب عليكم كرَما .. أفترضوْنَ عفاءَ الحُبسِ


وبقلبي منكمو مُقتربُ .. بأحاديث المنى هو بعيدْ

قمر اطلع منه المغربُ .. شِقوة المُغْرى به وهو سعيدْ

قد تساوى محسن أو مذنبٌ .. في هواه بين وعدٍ ووعيدْ

ساحرُ المقلة معسولُ اللّمى .. جال في النفس مجالَ النَّفَسِ

سدّد السهم وسمّى ورمى .. ففؤادي نُهبة المفترسِ


لسان الدين الخطيب

الثلاثاء، 6 أكتوبر 2009

صناع الحياة .. الأمريكية


فالحياة فى أمريكا مثلا إنما تقودها الصفوة التى فيها ، وليسوا الذين نراهم يصفقون فى المسابقات التليفزيونية ، ولا الذين يتسكعون وتدمرهم المخدرات.

بل هم نخبة من أساتذة الجامعات وأعضاء مراكز البحوث ، ومدراء الشركات الكبيرة ومدراء البنوك ، ووكلاء المخابرات الداخلية والخارجية ، والأعضاء الحاليين والسابقين فى الكونجرس ، وكبار القضاة والمحامين ، وعناصر المافيا ، ورؤساء النقابات ، ورجال البيت الأبيض ، وعشرة فى السيتى بنك ، وتسعة فى مقر أرامكو ، وثمانية فى دهاليز بنك النقد الدولى ، وسبعة من رؤساء تحرير الصحف ، وستة من رؤساء الجمعيات اليهودية والماسونية ، وبقية المائتى مليون يعيشون على هامش الحياة ، همهم البطون والجنس ، وتجدهم بين رفوف السوبر ماركت وأمام التليفزيون ، أو فى زاوية من مطاعم ماكدونالز.

إن خمسين ألفا فقط هم الذين يوجهون مسيرة أمريكا الحضارية ، سياسيا واقتصاديا وعلميا وعسكريا ونفسيا ، والبقية تتبع .


محمد أحمد الراشد : صناعة الحياة

الأحد، 4 أكتوبر 2009

عمالة 1967


أيمكن أن أكون محايدا وأنا أكتب عن هزيمة 1967 التى لم تترك قيادتنا ثغرة واحدة يمكن أن ينفذ منها النصر العربى إلا سدتها ، ولا غلطة يمكن أن يستفيد منها العدو لم ترتكبها ؟!

  • رفضوا البدء بالهجوم .
  • قرروا تلقى الضربة الأولى ونشروا ذلك علنا فى "الأهرام" لإخطار إسرائيل رسميا ..
  • تركوا طائراتنا فى العراء بعدما ألغو بند تغطية الطائرات فى ميزانية عام 1966 – 1967 .
  • أصدروا أمرا إلى قوات الدفاع الجوى بعدم إطلاق النار على أية طائرة لأن طائرة المشير فى الجو لحظة الهجوم الإسرائيلى .
  • غيروا الشفرة صباح يوم الهجوم لكى لا يتلقوا إخطار محطة الإنذار المبكر التى أقيمت فى الأردن لمهمة واحدة هى الإخطار عن تحرك الطيران الإسرائيلى ، فلما أبلغت المحطة عجزت مصر عن تلقى الإشارة لأن الشفرة تغيرت .. وبعدها بالصدفة قتل عبد المنعم رياض لكى لا يحكى عما شاهده فى الأردن ، وسمعه فى تلك اللحظات ..
محمد جلال كشك : ثورة يوليو الأمريكية

عربية الجغرافيا


وخط الاستواء يقسم الأرض بنصفين من الغرب إلى الشرق وهو طول الأرض وأكبر خط فى كرتها كما أن منطقة فلك البروج ودائرة معدل النهار أكبر خط فى الفلك .

ومنطقة البروج منقسمة بثلثمائة وستين درجة والدرجة من مسافة الأرض خمسة وعشرون فرسخا والفرسخ اثنا عشر ألف ذراع فى ثلاثة أميال أربعة آلاف ذراع والذراع أربعة وعشرون إصبعا والإصبع ست حبات شعير مصفوفة ملصق بعضها إلى بعض ظهرا لبطن .

وبين دائرة معدل النهار التى تقسم الفلك بنصفين وتسامت خط الاستواء من الأرض وبين كل واحد من القطبين تسعون درجة لكن العمارة فى الجهة الشمالية من خط الاستواء أربع وستون درجة والباقى منها خلاء لا عمارة فيه ، لشدة البرد والجمود كما كانت الجهة الجنوبية خلاء لشدة الحر كما نبين ذلك كله إن شاء الله تعالى .

ابن خلدون : المقدمة

دعينى .. أحبك


دعيني أقاوم شوقي إليك
وأهرب منك ولو في الخيال
لأني أحبك وهما طويــلا
وحلم بعيني بعيد المنال
دعيني أراك هداية عمــري
وإن كنت في العمر بعض الضلال
دعينـــي أقـاوم شوقـي إليــك
فإني سئمت قصور الرمال
نحب كثيرا ونبني قصورا
وتغدو مع البعد بعض الظلال
دعيني أراك كما شئت يوما
وإن كنت طيفا سريع الزوال
فما زلت كالحلم يبدو قريبا
وتطويه منا دروب المحال

شعر : فاروق جويدة

السبت، 3 أكتوبر 2009

الحقبة الناصرية باترة التاريخ


كما كان ذلك التجهيل والتشويه ضروريا حتى يمكن سلب رجالات التاريخ المصرى أفضالهم ، وحتى يجلس "أحمد فؤاد" فى مقعد "طلعت حرب" ويعتبر ذلك إنجازا ثوريا ومكسبا شعبيا !! وحتى يعتبر الجيل المبتور التاريخ أن بناء سد على النيل بقرض اجنبى وخبرة أجنبية وتنفيذ أجنبى ودون مساهمة مصرية تذكر من الناحية التكنولوجية ، يعتبر عملا خالدا بطوليا عجائبيا يكفى لمحو كل ما حدث من أخطاء وخطايا .. ! لأنهم لا يعرفون أن "محمد على" مثلا بنى "القناطر الخيرية" التى كانت فى ظروفها وظروف مصر منذ ما يقرب من مائتى سنة عملا خارقا "لم يتأت للملوك الكبار" وكانت نتائجها ولا تزال على جغرافية مصر واقتصاد مصر وإنسان مصر ما لا سبيل إلى مقارنته بأى أحلام معلقة على السد العالى .

بناها محمد على قبل أن يوجد فى مصر مهندس مصرى واحد ! وبناها بدون أن يقترض مليما من الخارج يرهق ميزانية عدة أجيال لا يعلم إلا الله عددها . ولم يهتف مرة واحدة "حنبنى القناطر" ، ولا سجل التاريخ له خطبة واحدة حول بناء القناطر أو المؤامرة الدولية ضد بنائها .. كما لا يعرف هذا الجيل أنه فى ظل الاستعمار البريطانى أمكن أن تقيم مصر خزان أسوان – 1903- ونتائجه المحققة حتى الآن تفوق التوقعات المحتملة للسد العالى .


محمد جلال كشك : ثورة يوليو الأمريكية

الجمعة، 2 أكتوبر 2009

القرشية اليوم


ويوم بدر خرج الثلاثة الكفار من قريش يطلبون المبارزة ، فأخرج لهم النبى (صلى لله عليه وسلم) ثلاثة من الأنصار ، فقالوا : والله لا نطعن فى أحسابهم ولا أنسابهم ، ولكن أخرج لنا أكفاءنا من قريش . فأخرج لهم عليا وحمزة وأبا سفيان بن الحارث ، فقتلوهم .

وكذلك الناس دوما تحب المكافأة حتى إذا هم يُقتلون ، والقرشية اليوم تتمثل فى الصروح العلمية ، والمجامع الأدبية ، والمعارض الفنية ، والمتاحف الأثرية ، والمؤسسات الصحفية والمعاهد السياسية والدور الوثائقية ، والشركات الصناعة ، والقاعات المصرفية ، وعلى دعاة الإسلام اليوم أن ينطلقوا منها للمبارزة .

دعوة التبليغ أجادت غرس الثقة فى داعتها ، وبخطبة واحدة يتعلمونها يجوبون الآفاق ويواجهون المجتمع ، وآخرون يأمرون إخوانهم بضم الرأس ويقولون لفتى الصحوة : أنت فى خندق احترس وأتقن الاختباء .

كلا ، بل نحن فى عرصة واسعة وليس الخندق الضيق ، ومعنا كل الخطب المتنوعة الفصيحة ، ومعنا ثوابت الإسلام وحماسات الظلال وتفريعات القرضاوى وعقلانيات المودودى وتسبيحات النورسى ، والذين ظلموا الدعوة دهرا فى يأس اليوم .



محمد أحمد الراشد : صناعة الحياة

الجمعة، 8 مايو 2009

وطنيات البنا


وطنية الحنين
إن كان دعاة الوطنية يريدون بها حب هذه الارض وألفتها والحنين إليها ، والانعطاف نحوها ، فذلك أمر مركوز فى فِطـَر النفوس من جهة ، مأمور به فى الإسلام من جهة أخرى ، وإن بلالا الذى ضحى بكل شىء فى سبيل عقيدته ودينه هو بلال الذى كان يهتف فى دار الهجرة بالحنين إلى مكة فى أبيات تسيل رقة وتقطر حلاوة :
ألا ليت شعرى هل أبيتن ليلة .. بواد وحولــى إذخر وجليـــل
وهل أردْن يومـا ميـاه مجنـَّة .. وهل يبدونْ لى شامة وطفيل

وطنية الحرية والعزة
وإن كانوا يريدون أن من الواجب العمل بكل جهد فى تحرير البلد من الغاصبين وتوفير استقلاله له وغرس مبادىء العزة والحرية فى نفوس أبنائه فنحن معهم فى ذلك أيضا ، وقد شدد الإسلام فى ذلك أبلغ التشديد ، فقال تبارك وتعالى : " ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون " ، ويقول : " ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا " .

وطنية المجتمع
وإن كانوا يريدون بالوطنية تقوية الروابط بين أفراد القطر الواحد وإرشادهم إلى طريق استخدام هذه التقوية فى مصالحهم فذلك نوافقهم فيه أيضا ، ويراه الإسلام فريضة لازمة فيقول نبيه ( صلى الله عليه وسلم ) : " وكونوا عباد الله إخوانا " ، ويقول القرآن الكريم : " يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالا ودوا ما عنتم قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفى صدورهم أكبر قد بينا لكم الآيات إن كنتم تعقلون " .

وطنية الفتح
وإن كانوا يريدون بالوطنية فتح البلاد وسيادة الأرض فقد فرض ذلك الإسلام ووجه الفاتحين إلى أفضل استعمار وأبرك فتح ، فذلك قوله تعالى : وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله ... "


حدود وطنيتنا
أما وجه الخلاف بيننا وبينهم ، فهو أننا نعتبر حدود الوطنية بالعقيدة وهم يعتبرونه بالتخوم الأرضية والحدود الجغرافية ، فكل بقعة فيها مسلم يقول : لا إله إلا الله محمد رسول الله ، وطن عندنا له حريته وقداسته وحبه والإخلاص له والجهاد فى سبيل خيره ، وكل المسلمين فى هذه الأقطار الجغارفية أهلنا وإخواننا ، نهتم لهم ونشعر بشعورهم ونحس بإحساسهم . ودعاة الوطنية فقط ليسوا كذلك ، فلا يعنيهم إلا أمر تلك البقعة المحدودة الضيقة من رقعة الأرض .

حسن البنا : دعوتنا ( الرسائل )

الخميس، 7 مايو 2009

" أنا " .. صوفيـًا


إن مفتاح العالم بيد الإنسان ، ومعلق على نفسه ، فالكون يبدو وكأن أبوابه مفتحة ظاهرا إلا أنها منغلقة فى الحقيقة . فالحق سبحانه وتعالى أودع - من جهة الأمانة - فى الإنسان مفتاحا - يسمى " أنا " - يفتح كل أبواب العالم ، وأودعه أنانية ذات طلاسم يفتح ويكشف بها الكنوز المخفية لخلاق الكون ، إلا أن " أنا " هى - فى ذاتها - معمًّى فى غاية الغموض ، وطلسم مشكل فتحه وكشفه ، فإذا عرفت ماهيتها الحقيقية ، وسر خلقتها ؛ ينفتح الكون كما تنفتح هى نفسها .

وذلك : أن الصانع الحكيم قد جعل بيد الإنسان - أمانةً - " أنا " جامعة لإشارات ونماذج تُعرِّف وتُظهر حقيقة صفات وشئون ربوبيته ؛ حتى تصبح " أنا " هذه وحدة قياس وتُعرف بها صفات الربوبية وشئون الألوهية ، إلا أنه لا يلزم أن تكون وحدة القياس موجودا حقيقيا ، بل يمكن أن تشكل وحدة قياس - بالفرض والتوهم لا بالعلم والتحقق - كالخطوط الافتراضية فى الهندسة .

بديع الزمان النورسى : أنا والذرة ( الرسالة الثلاثون من رسائل النور )

الاثنين، 27 أبريل 2009

رفض التاريخ علميا


وكثيرا ما يعرض للسامعين قبول الأخبار المستحيلة وينقلونها وتؤثر عنهم كما نقل المسعودى عن الإسكندر لمّا صدته دواب البحر عن بناء الإسكندرية ، وكيف اتخذ تابوت الخشب وفى باطنه صندوق الزجاج وغاص فيه إلى قعر البحر حتى كتب صور تلك الدواب الشيطانية التى رآها وعمل تماثيلها من أجساد معدنية ونصبها حذاء البنيان ففرت تلك الدواب حين خرجت وعاينتها وتم له بناؤها .

فى حكاية طويلة من أحاديث خرافة مستحيلة من قبل اتخاذه التابوت الزجاجى ومصادمة البحر وأمواجه بجرمه .....

وهذه كلها قادحة فى تلك الحكاية والقادح المحيل لها من طريق الوجود أبين من هذا كله وهو : أن المنغمس فى الماء ولو كان فى الصندوق يضيق عليه الهواء للتنفس الطبيعى وتسخن روحه بسرعة لقلته ، فيفقد صاحبه الهواء البارد المعدل لمزاج الرئة والروح القلبى ويهلك مكانه .

وهذا هو السبب فى هلاك أهل الحمامات إذا أطبقت عليهم عن الهواء البارد والمتدلين فى الآبار والمطامير العميقة المهوى إذا سخن هواؤها بالعفونة ولم تداخلها الرياح فتخلخله فإن المتدلى فيها يهلك لحينه .

وبهذا السبب يكون موت الحوت إذا فارق البحر فإن الهواء لا يكفيه لتعديل رئته إذ هو حار فيستولى الحار على روحه الحيوانى ويهلك دفعة ، ومنه هلاك المصعوقين وأمثال ذلك .


عبد الرحمن بن خلدون : المقدمة

الخميس، 16 أبريل 2009

مىّ


ولما تفيأنا ظـــلال خميـلــة
تساقط مثل الدر فوق خطــانا
وحدثتها بالحب - وهى مصيخة
على أمـــل أن تلتقى روحانــا
أشاحت إلى الأزهار عنى بوجهها
دلالا وقالت لى " كفى هذيانــا
أتأمل منى أن أصدق بالــهوى
جزافا .. وطرفى لا يراه عيانا ؟ "

فقلت " لها يا مى ! ما الروض ناضرا
ولا الطير أحلى ما يكون لسانــــا
بأحسن من خد تورد فى الصبـــا
وأعذب من ثغـــر يفيض بيانـــا
لقد كان أولى أن نبيـح لبعضنـــا
عوالم بعض فى ربيــع صبانـــا
وما قيمة الأزهار فى جانب الصبا
أليس الصبا – يا مى – أعظم شانا ؟
أناشدك الحـــــب الذى عهدنا بــه
سويا كأخفــــى ما يكون مكانــا

ألم تشعرى شيئا تمثل بيننا
لأول عهد تم فيه لقانـــا ؟
أبعد تعاطينا معا كأس ألفة
يجوز لنا ألا نحس صدانــا ؟
فمالك تستعدين قلبى على الهوى
كأنك ما شاطرتــه الخفقانــــا

تعالى إلى عهد وثيق من الهوى
نعيش عليه فى الحياة كلانــا
فلا يزدهى قلبى بشىء مؤمل
إذا لم يصادف فى فؤادك شانا
نفرغ فى كأس الأمانى حبنا
فتسعى به ما بيننـــا شفتانـــا
ولا نلتقى إلا كما لفت الصبا
فروعا تفيأنـــا بهن أمانـــا

ونختال فى روض المحبة وحدنا
فلا يتغنى طيــــرها لسوانـــا
وإن تعهدى يوما فؤادك خفاقا
شعرت لقلبــى مثله خفقانــــا
كأن الذى ينساب ملء كليهما
صبابة ما ساقى الغرام سقانا
وآنا نبكى كالطيور وجودنـــا
بلحن ... وكالأزهار نضحك آنا

فنسعد بعضا باشتراك سرورنا
ونســعد بعضا باشتراك أسانـــا
كذلك نحيا بالسواء ... وها فمى
ضمانا لعهد لو أردت لكانـــا


شعر : إبراهيم العريض

الاثنين، 13 أبريل 2009

ناصر والسادات .. رؤية أفغانية


كانت فكرتهم عن عبد الناصر أنه زعيم إسلامى وبطل هزم الإنجليز والفرنسيين فى "بورسعيد" ، وتصدى لحرب اليهود ، ولم نجد صعوبة فى تصحيح تلك الصورة لأنهم كانوا يعرفون علاقته الوثيقة بروسيا ، فكان يكفى أن نقول لهم أنه كان (كمونست .. روس أندوال) أى صديق الروس حتى يقتنعون أنه (خوب نيس) أى ليس جيدا ، وقد ذكر الشيخ سياف أن القبائل الأفغانية قد استفزتها هزيمة 67 فثارت وحاصرت "كابل" ودخلتها وطالبت الحكومة بإرسال الجيش والمتطوعين لحرب اليهود ، وأحاطوا بالسفارة المصرية ودوت هتافاتهم وطلقاتهم يريدون أن تمنحهم السفارة تأشيرة ليحاربوا اليهود فما خرج لهم سوى فرّاش السفارة ,اخبرهم أن مصر ليست فى حاجة إلى خدماتهم ، وكان الشيخ " سياف " شاهد عيان على هذا الموقف .

أما " السادات " فكنا نجد صعوبة بالغة فى نقل صورته الحقيقية للمجاهدين وذلك لعدة أسباب أولا : لأنه طرد الروس من " مصر " وهو عمل عند الأفغان عظيم ، ثانيا : لأنه ثأر لهزيمة 67 وانتصرعلى اليهود فى حرب رمضان – أكتوبر 73 ، ثالثا : لأنه أمد المجاهدين بكميات هائلة من السلاح والذخائر وأيدهم على المستوى الدولى ، رابعا : لأنهم يظنونه حنفى المذهب ، ويحسبون ذلك هو سر مساعدته لهم ، ولا أنسى أحد القادة وقد غضب لأننى أنتقص من الشهيد " السادات " ( على حد قوله ) الحنفى المذهب الذى لولاه لكنا ما نزال نقاتل بالحجارة والخناجر .


والحقيقة أن " السادات " قدم للمجاهدين مساعدات عسكرية قيمة وفى أحرج الأوقات ، ولم ير المجاهدون الهاون ولا الآر بى جى ولا الجرينوف ولا الرشاش الخفيف ولا صواريخ الصقر إلا عندما قدمها لهم " السادات " ، ولكنهم لا يستطيعون فهم دوافع هذه المساعدات ، فقد كان السادات فى عزلة عربية وإسلامية قاتلة بسبب معاهدة الاستسلام مع اليهود فقد طردت مصر من الجامعة العربية ومن منظمة المؤتمر الإسلامى وقطعت معظم الدول علاقتها الدبلوماسية معها وكان " السادات " يريد كسر هذه العزلة بأى طريقة ، كما أن السادات كان يعادى الشيوعية والاتحاد السوفيتى ليس لوجه الله بل حبا وافتتانا بأمريكا والغرب ، وأدت سياسة الانفتاح والاتجاه غربا إلى عداء اليساريين المصريين والناصريين والقوميين وتآمر تلك القوى وتألبها عليه ، وقد شجعت روسيا والدول الاشتراكية الدعاية الموجهة ضد " السادات " وقطعت معه العلاقات فوجد نفسه فى عداء داخلى وخارجى مع القوى الاشتراكية فكان طبيعيا أن يندد بالغزو والاستعمار الروسى للشعوب الضعيفة ، وبالطبع لم يرسل " السادات " رصاصة واحدة للمجاهدين قبل أن يأخذ الضوء الأخضر من " أمريكا " بل ربما هى التى أمرته بتلك المساعدة ، لأن الأمريكان أدانوا الغزو الروسى بشدة خوفا على مصالحهم فى المنطقة وتمنوا أن يتلقى الروس درسا فى " أفغانستان " كما تلقوه هم فى " فيتنام " ولكن عبثا كنا نحاول غفهامهم هذه الأمور ، وكانت أقوى حجة أن " السادات " لا يحكم بالإسلام ويعطل الشريعة ويصادق اليهود والأمريكان ، ولم نكن نجرؤ على إخبارهم أن الجماعات الإسلامية هى التى قتلت " السادات " ، والحقيقة أن مصر اعتبرت الأمر فيما بعد مجرد تجارة رائجة مربحة فكانت تبيع السلاح والذخائر للمجاهدين بعد أن كانت مجانا ، بل أصبحت تبيع السلاح والذخائر للحكومة الشيوعية أيضا ولطالما غنمنا سلاحا وذخائر مصرية من مواقع الشيوعيين وكانت تلك الذخائر عليها اسم مصنع شبرا الخيمة والهيئة العربية للتصنيع ، ولم يكن شعورا مريحا أن أُقتل فى هذا المكان البعيد برصاص صنع بالقرب من منزلى .


د . أيمن فرج صبرى : ذكريات عربى أفغانى

السبت، 21 فبراير 2009

عينان زرقاوان


عينان زرقاوان .. ينعس فيهما لون الغدير
أرنو .. فينساب الخيال وينصت القلب الكسير
وأغيب فى نغم يذوب .. وفى غمائم من عبير
بيضاء مكسال التلوى ، تستفيق على خرير
ناء .. يموت وقد تثائب كوكب الليل الأخير
يمضى على مهل ، وأسمع همستين .. وأستدير
فأذوب فى عينين ينعس فيهما لون الغدير

**
حسناء .. يا ظل الربيع ، مللت أشباح الشتاء
سودا تطل من النوافذ كلما عبس المساء
حسناء .. ما جدوى شبابى إن تقضّى بالشتاء
عيناك .. للكوكبين الحالمين بلا انتهاء
لولاهما ما كنت أعلم أن أضواء الرجاء
زرقاء ساجية .. وأن النور من صنع النساء
هى نظرة من مقلتيك ، وبسمة تعد اللقاء
ويضىء يومى عن غدى ، وتفر أشباح الشتاء
عيناك .. أم غاب ينام على وسائد من ظلال ؟
ساج تلثم بالسكون فلا حفيف ولا انثيال
إلا صدى واه يسير على قياثر فى الخيال
إنى أحس الذكريات يلفها ظل ابتهال ..
فى مقلتيك مدى تذوب عليه أحلام طوال
وغفا الزمان .. فلا صباح ، ولا مساء ، ولا زوال !
إنى أضيع مع الضباب .. سوى بقايا من سؤال !
عيناك .. أم غاب ينام على وسائد من ظلال !


شعر : بدر شاكر السياب

الأحد، 8 فبراير 2009

تعدد الزوجات فى تقرير للأمم المتحدة


لقد أباح مشرع الإسلام " تعدد الزوجات " ، وأثيرت ضجة كبرى ضد هذا التشريع ، وأطلق عليه - هو الآخر - أنه " تذكار العصر الجاهلى " . ولكن جاءت التجارب العملية لتثبت أنه كان تشريعا مناسبا للطبيعة الإنسانية ، لأن سد باب تعدد الزوجات إنما هو فتح لعشرات الأبواب الفاجرة ، غير الشرعية .

وسوف أشير هنا إلى النشرة لإحصائية التى نشرتها هيئة الأمم المتحدة فى عام 1959 . لقد أثبتت هذه النشرة بالأرقام والإحصائيات : أن العالم يواجه الآن مشكلة " الحرام أكثر من الحلال " more out than in فى شأن المواليد ! وجاء فى هذه الإحصائية أن نسبة الأطفال غير الشرعيين قد ارتفعت إلى ستين فى المائة . وأما فى بعض البلاد ، وعلى سبيل المثال " بناما " فقد جاوزت هذه النسبة الخمسة وسبعين فى المائة ، أى أن ثلاثة عن طريق الحرام من كل أربعة مواليد ! وأرفع نسبة من هؤلاء الأطفال غير الشرعيين موجودة فى أمريكا اللاتينية .

وتثبت هذه النشرة أيضا أن نسبة الأطفال غير الشرعيين تصل إلى نسبة " العدم " فى البلدان الإسلامية ، وتقول النشرة : إن نسبة هؤلاء الأطفال أقل من واحد فى المائة فى جمهورية مصر العربية ، مع أنها أكثر البلاد الإسلامية تأثرا بالحضارة الغربية .

فما الأسباب التى تحمى الدول الإسلامية من هذه البلية ؟

يقول محرر هذه النشرة الإخبارية : إن البلدان الإسلامية محفوظة من هذا الوباء لأنها تتبع نظام " تعدد الزوجات " .

وحيد الدين خان : الإسلام يتحدى

الأحد، 28 ديسمبر 2008

مرور ثلاثة عقود من القرن الخامس عشر


بين يدى القرن المقبل أطلب من المسلمين أن يطرحوا الأسمال العقلية والاجتماعية التى أزرت بهم وحطت مكانتهم ، وأن ينصفوا الإسلام من أنفسهم حتى يستطيع هذا الدين الانطلاق فى الأرض ، وإسعاد البشرية ، وتحقيق الرحمة العامة للعالمين ..

أما استقبال القرن الخامس عشر بحكم فردى يخنق الحرية ويستبيح الحرمات .

أو استقباله بقوانين تملك المال ولا تملك العدالة والرحمة .

أو استقباله ببطالة عقلية تهمل العمل والفكر وتحقر نتائجها ، وتؤخر العباقرة وتقدم التافهين ..

أو استقباله بعوائل همها فى الحياة المتعة لا التربية ، والفوضى الاجتماعية لا الأخلاق الدقيقة والتقاليد الزكية .

أو استقباله بقصور علمى فى المادة وما وراء المادة .. أى فى شئون الدين والدنيا جميعا .

أو استقباله بذاكرة مفقودة .. لا تستفيد من التجربة ولا تنتفع من التاريخ .

أو استقباله بدعاة يتساءلون عن الصلاة مع دم البعوض فى قمصانهم .. ولا يتساءلون عن أمة أرخص دمها ، حتى أصبح سفكه لا يثير جزعا ولا فزعا ..

إن استقبالنا للقرن الخامس عشر على هذا النحو هو خزى الأبد .. فإما عشنا مسلمين حقا ..

وإما ممات لا قيامة بعده ** ممات لعمرى لم يقس بممات !


محمد الغزالى : خاتمة كتابه " هموم داعية "