لا أعرف فى العصر الحديث تجربة جسدت معنى الجهاد الإسلامى بمثل ما تجلى ذلك فى الجهاد الأفغانى ، ولا أعرف ظلما نزل بتجربة نضالية فى تلك المرحلة بقدر ذلك الظلم الذى حل بالجهاد الأفغانى ، ربما لأن عناصر استنفار الغير الإسلامى كانت مكتملة فى تلك التجربة الفريدة . فهذا بلد مسلم تعرض للاحتلال من جانب دولة شيوعية تتبنى الإلحاد وتدعو إليه ، ثم خرج أهله الأفغان يقاومون رافعين راية " الجهاد " ، وهى الكلمة التى ما إن أطلقت فى الفضاء الإسلامى الواسع حتى كان لها مفعول السحر ؛ إذ ترددت أصداؤها فى كل ضمير مسلم حيثما وجد ، الأمر الذى استنفر نفرا من أبناء المسلمين فى كل مكان ، وجمع على أرض الجهاد أشتاتا منهم لا تلتقى إلا فى موسم الحج .
بل ربما كانت تلك هى المرة الأولى فى العصر الحديث التى يجتمع فيها المسلمون بذلك القدر من التنوع خارج الأراضى المقدسة ، ويكون الجهاد فى سبيل الله هو الراية التى التفوا حولها ، وتكون الشهادة منتهى أمل كل واحد منهم .
فهمى هويدى : مقدمة ذكريات عربى أفغانى ، للدكتور / أيمن فرج صبرى
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق