الأربعاء، 13 أغسطس 2008

سيرانو دى برجراك .. الشاعر



شاعر فرنسى من شعراء القرن السابع عشر .. نشأ غريبا فى أطوراه متفردا بصفات قل أن تجتمع لأحد من معاصريه ، فكان جامعا بين الشجاعة إلى درجة التهور ، والخجل إلى درجة الضعف ، وبين القسوة إلى معاقبة أعدائه على أصغر الهفوات ، والرقة إلى البكاء على بؤس البائسين من أصدقائه وأبناء حرفته ، وكان كريما متْلافا لا يبقى على شىء مما فى يده ، وعفيفا لا يمد يده إلى مخلوق كائنا من كان ، وصريحا لا يتردد لحظة واحدة فى مجابهة صاحب العيب بعيبه كيفما كانت النتيجة المترتبة على ذلك . فكان عدو الكاذبين والمرائين والمغرورين والسفلة والمتملقين ، أى أنه كان عدوا للهيئة الاجتماعية التى يعيش فيها تقريبا ، كما كانت عدوة له كذلك ، لا تهدأ عن مشاكسته ومناوأته وابتغاء العوائل به .


ولم يكن له من الأصدقاء إلا أفراد قلائل جدا هم الذين يفهمون حقيقة نفسه وجوهرها ، ويقدرونه قدره وقدر صفاته الكريمة التى كان يتصف بها .

وكان الخلق الغالب عليه من بين جميع أخلاقه خلق العزة والأنفة فكان شديد الاحتفاظ بكرامته والضن بعرضه أن ينال منهما نائل أو يعبث بهما عابث ، وكان لا يُرى فى أكثر أوقاته إلا مبارزا أز مناضلا أو ثائرا أو مهتاجا واضعا يده على مقبض سيفه أو ملقيا قفازه على وجه خصمه ، شأن الفوارس الأبطال فى ذلك العصر .
رواية الشاعر : إدمون روستان ، تعريب : مصطفى لطفى المنفلوطى

الإسلام والمسيحية الشمالية .. مراحل الصراع



والآن تستطيع أن تتبين أربع مراحل واضحة للصراع الذى دار بين المسيحية الشمالية ولإسلام :


المرحلة الأولى :

صراع الغضب لهزيمة المسيحية فى أرض الشام ودخول أهلها فى الإسلام ، فبالغضب أمَّلت اختراق دار الإسلام لتسترد ما ضاع ، تدفعها بغضاء حية متسامحة ، لم تمنع ملكا ولا أميرا ولا راهبا أن يمد المسلمين بما يطلبونه من كتب " علوم الأوائل " ، ( الإغريق ) ، التى كانت تحت يد المسيحية يعلوها التراب ، وظل الصراع قائما لم يفتر ، أكثر من أربعة قرون .

المرحلة الثانية :

صراع الغضب المتفجر المتدفق من قلب أروبة ، مشحونا ببغضاء جاهلية عاتية عنيفة مكتسحة مدمرة سفاحة للدماء ، سفحت أول ما سفحت دماء أهل دينها من رعايا البيزنطية ، جاءت تريد هى الأخرى ، اختراق دار الإسلام ، وذلك عهد الحروب الصليبية الذى بقى فى الشام قرنين ، ثم ارتد خائبا إلى مواطنه فى قلب أوربة .

المرحلة الثالثة :


صراع الغضب المكظوم الذى أورثه اندحار الكتائب الصليبية ، من تحته بغضاء متوهجة عنيفة ، ولكنها مترددة يكبحها اليأس من من اختراق دار الإسلام مرة ثالثة بالسلاح وبالحرب ، فارتدعت لكى تبدأ فى إصلاح خلل الحياة المسيحية ، بالاتكاء الشديد الكامل على علوم دار الإسلام ، ولكى تستعد لإخراج المسيحية من مأزق ضنك موئس ، وظلت على ذلك قرنا ونصف قرن .

المرحلة الرابعة :

صراع الغضب المشتعل بعد فتح القسطنطينية ، يزيده اشتعالا وتوهجا وقود من لهيب البغضاء والحقد الغائر فى العظام على " الترك " ، ( أى المسلمين ) ، وهم شبح مخيف مندفع فى قلب أوربة ، يلقى ظله على كل شىء ،ويفزع كل كائن حى أو غير حى بالليل و بالنهار ، وإذا كانت المراحل الثلاث الأول لم تصنع للمسيحية شيئا ذا بال ، فصراع الغضب المشتعل بلهيب البغضاء والحقد هو وحده الذى صنع لأوربة كل شىء إلى يومنا هذا .

صنع كل شىء ، لأنه هو الذى أدى بهم إلى يقظة شاملة قامت على الإصرار ، وعلى المجاهدة والمثابرة على تحصيل العلم وعلى إصلاح خلل الحياة المسيحية ، ولكن لم يكن لها يومئذ من سبيل ولا مدد ، إلا المدد الكائن فى دار الإسلام ، من العلم الحى عند علماء المسلمين ، أو العلم المسطر فى كتب أهل الإسلام . فلك يترددوا ، وبالجهاد الخارق ، وبالحماسة المتوقدة ، وبالصبر الطويل ، انفكت أغلال " القرون الوسطى " بغتة عن قلب أوروبة ، وانبعثت نهضة " العصور الحديثة " مستمرة إلى هذا اليوم .
محمود محمد شاكر : رسالة فى الطريق إلى ثقافتنا

السبت، 9 أغسطس 2008

ضد التاريخ الإسلامى



هذ ويمكن القول أن المؤامرة على تاريخ الإسلام قد عملت فى حقول عديدة أهمها :


أولا : التركيز على المناهج الدراسية وإفسادها .

ثانيا : إثارة الشبهات حول الخطط والمواقف والدول والحكام .

ثالثا : تحريف النصوص وإعلاء الروايات الضعيفة .

رابعا : تجديد الإسرائيليات القديمة ، وإعداد إسرائيليات جديدة .

خامسا : إفساد مفهوم فريضة الجهاد وتأويله .

سادسا : الدعوة المسمومة إلى تحرير التاريخ من ارتباطه بالأمة الإسلامية ومقوماتها .

سابعا : إثارة التعارض والتضارب بين القيم المتلاقية كالعروبة والإسلام والفرعونية والأشورية والفينيقية .

ثامنا : ابتعاث الأساطير وإعادة صياغتها فى داخل التاريخ الإسلامى وسيرة الرسول .

تاسعا : محاولة تمزيق التاريخ الإسلامى الموحد ( مصدرا وحركة وغاية ) إلى تواريخ مستقلة لأقطار مختلفة .

عاشرا : إذكاء روح الإقليمية والقومية بمفاهيمها الضيقة والعنصرية للقضاء على الروح الإسلامية .

حادى عشر : محاولة تصوير المؤامرات التى قامت بها الفرق الضالة كالقرامطة والزنج والباطنية على أنها دعوات عدل وحرية .

ثانى عشر : محاولة اعتبار التاريخ الحديث فى الأقطار العربية تاريخا مصريا أو سوريا أو عراقيا أو مغربيا منفصلا عن أصوله العربية والإسلامية .

ثالث عشر : إفساد الرابطة العميقة بين الحنيفية دين إبراهيم وبين الإسلام ، سواء من الناحية التاريخية أو العقدية أو الارتباط بين الموجات العربية التى خرجت من الجزيرة العربية إلى الشام والعراق ومصر والمغرب .

رابع عشر : محاولة إحياء علاقة مقطوعة بين ما قبل الإسلام وما بعده عن طريق إحياء الفكر الوثنى القديم ، سواء فى الفرعونية أو الفينيقية واليونانية أو الفارسية .

خامس عشر : محاولة تفسير التاريخ الإسلامى والمعاصر وفق مذاهب غربية وافدة ، كالتفسير الغربى المسيحى ، والتفسير الماركسى الاشتراكى .

سادس عشر : محاولة تصوير القرن الثانى الهجرى على أنه عصر شك ومجون عن طريق اعتبار بعض الشعراء المجان وهم قلة معزولة ممثلين لعصرهم فيما يتجاهل الباحث عشرات العلماء والفقهاء والأصوليين والمفكرين .

سابع عشر : إنكار وجود شخصية عبد الله بن سبأ هدما لأثره الواضح فى تمزيق وحدة المسلمين ، وتزييف وقائع الفتنة الكبرى ، وتبرئة اليهود منها .

ثامن عشر : محاولة تفسير البطولة الإسلامية وفق المذاهب الغربية اعتمادا على موروثات البيئة والعرق .

تاسع عشر : اتهام الدولة العثمانية بأنها دولة مستعمرة ؛ استعمرت بلاد العرب ، واتهام السلطان عبد الحميد الثانى بالاستبداد ن بينما وقف السلطان عبد الحميد موقفا مشرفا فى مواجهة مؤامرات الصهيونية ومحاولتها الاستيلاء على فلسطين .

عشرون : محاولة القول بأن نهضة العرب لم تبدا إلا بوصول الحملة الفرنسية إلى مصر بينما المعروف أن النهضة العربية الإسلامية قد بدأت قبل ذلك بأكثر من خمسين عاما بدعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب من الجزيرة العربية ، وعلماء الأزهر الذين دعوا إلى التوحيد ، والتماس المنابع فى القرآن والسنة .




أنور الجندى : تأصيل اليقظة وترشيد الصحوة ، ص 29

الأحد، 3 أغسطس 2008

ابن حزم يحدث عن الحب والمحبين



الحب - أعزك الله - أوله هزل وآخره جد. دقت معانيه لجلالتها عن أن توصف، فلا تدرك حقيقتها إلا بالمعاناة. وليس بمنكر في الديانة ولا بمحظور في الشريعة، إذ القلوب بيد الله عز وجل وقد أحب من الخلفاء المهدبين والأئمة الراشدين كثير، منهم بأندلسنا عبد الرحمن بن معاوية لد عجاء، والحكم بن هشام، وعبد الرحمن بن الحكم وشغفه بطروب أم عبد الله ابنة أشهر من الشمس، ومحمد بن عبد الرحمن وأمره مع غزلان أم بنيه عثمان والقاسم والمطرف معلوم، والحكم المستنصر وافتتانه بصبح أم هاشم المؤيد بالله رضي الله عنه وعن جميعهم وامتناعه عن التعرض للولد من غيرها. ومثل هذا كثير، ولولا أن حقوقهم على المسلمين واجبة - وإنما يجب أن نذكر من أخبارهم ما فيه الحزم وإحياء الدين وإنما هو شيء كانوا ينفردون به في قصورهم مع عيالهم فلا ينبغي الإخبار به عنهم - لأوردت من أخبارهم في هذا الشأن غير قليل .

ومن الصالحين والفقهاء في الدهور الماضية والأزمان القديمة من قد استغنى بأشعارهم عن ذكرهم : وقد ورد من خبر عبيد الله عتبة بن مسعود وشعره ما فيه الكفاية. وهو أحد فقهاء المدينة السبعة وقد جاء من فتيا ابن عباس رضي الله عنه مالا يحتاج معه إلى غيره حين يقول: هذا قتيل الهوى لا عقل ولا قود .

ابن حزم الأندلسى : طوق الحمامة ( فى الألفة والألاف ) ، فصل ماهية الحب .