الأحد، 28 ديسمبر 2008

مرور ثلاثة عقود من القرن الخامس عشر


بين يدى القرن المقبل أطلب من المسلمين أن يطرحوا الأسمال العقلية والاجتماعية التى أزرت بهم وحطت مكانتهم ، وأن ينصفوا الإسلام من أنفسهم حتى يستطيع هذا الدين الانطلاق فى الأرض ، وإسعاد البشرية ، وتحقيق الرحمة العامة للعالمين ..

أما استقبال القرن الخامس عشر بحكم فردى يخنق الحرية ويستبيح الحرمات .

أو استقباله بقوانين تملك المال ولا تملك العدالة والرحمة .

أو استقباله ببطالة عقلية تهمل العمل والفكر وتحقر نتائجها ، وتؤخر العباقرة وتقدم التافهين ..

أو استقباله بعوائل همها فى الحياة المتعة لا التربية ، والفوضى الاجتماعية لا الأخلاق الدقيقة والتقاليد الزكية .

أو استقباله بقصور علمى فى المادة وما وراء المادة .. أى فى شئون الدين والدنيا جميعا .

أو استقباله بذاكرة مفقودة .. لا تستفيد من التجربة ولا تنتفع من التاريخ .

أو استقباله بدعاة يتساءلون عن الصلاة مع دم البعوض فى قمصانهم .. ولا يتساءلون عن أمة أرخص دمها ، حتى أصبح سفكه لا يثير جزعا ولا فزعا ..

إن استقبالنا للقرن الخامس عشر على هذا النحو هو خزى الأبد .. فإما عشنا مسلمين حقا ..

وإما ممات لا قيامة بعده ** ممات لعمرى لم يقس بممات !


محمد الغزالى : خاتمة كتابه " هموم داعية "

الأربعاء، 24 ديسمبر 2008

أحلى قدر ..


أحبك
أعرف أن هواك طريق انتحار
وبينى وبينك ألف جدار ..
وجيش تتار ..
يحب الظلام ..
ويبغى اغتيال النهار ..
أحبك .. أعرف أن ليس لى فى هواك اختيار ..

أحبك ..
لا تسألينى لماذا
فهل يسألون الطيور لماذا تهاجر .. ؟
وهل يسألون المراكب كيف تسافر .. ؟
وهل ذات يوم سألت الزهور
لماذا العطور .. ؟
وهل ذات يوم سألت الشروق لماذا الغروب .. ؟
وهل يسألون المحاجر ..
لماذا شعاعك ساحر .. ؟
أحبك .. لا تسألينى لماذا أخاطر ..

أحبك ..
والحب مثل احتمال ..
ومثل انتحار الإجابة بعد السؤال ..
وحبى مثل الحقيقة تلبس شال خيال ..
ومثل احتضان الصليب الهلال ..
ومثل عناق تارب الجنوب تراب الشمال ..
أحبك .. والحب يسكن بيت المحال ..

أحبك ..
ليس لأنى وحيد ..
وليس لأن فؤادى قبلك كوم جليد ..
وليس لأنك ألهمتنى كل هذا القصيد ..
أحبك .. ليس لأنك عمر جديد ..

أحبك ..
مثل الغيوم تحب تموت ليهطل قطر المطر ..
ومثل المساء يحب يذوب بضوء القمر ..
ومثل النعاس يحب اقتحام عيون تطيل السهر ..
أحبك .. والحب أحلى قدر ..


عبد الرحمن يوسف : ديوان نزف الحروف

الثلاثاء، 23 ديسمبر 2008

زيجة واحدة لا تكفى


من خلال تأملاتى فى تجاربى وتجارب الآخرين أصبح عندى رؤية ومفهوم للزواج . فكنت دائما أخبر نفسى وغيرى أن السعادة لا تهبط هكذا من السماء ، وإنما هى مثل العمل الفنى ، لابد أن يكد المرء ويتعب فى صياغته وصنعه . والزواج ، مثل العمل الفنى أيضا ، ومثل أى شىء إنسانى مركب ، يحتوى على إمكانات سلبية وإيجابية ، ولا يمكن فصل الواحد عن الآخر . وكثيرا ما كنت أخبر طالباتى بأن الحب الحقيقى هو أن يقبل الواحدُ الآخرَ ويعرف أن محاسنه مرتبطه تمام الارتباط بمثالبه .

كما طورت مفهوم " إعادة الزواج من نفس الزوجة " ، إذ تتغير الظروف والأوضاع وتتغير الشخصية والتوقعات فيعاد النظر فى أسس العلاقة ويعاد تشكيلها بما يتفق مع الرؤية الجديدة . وأزعم أننى تزوجت من زوجتى ثلاث مرات ، المرة الأولى تقليدية ، والثانية بعد حصولى على الدكتوراه ، والثالثة بعد حصولها هى على الدكتوراه . ولعل مفهوم " إعادة الزواج من نفس الزوجة " قد يحل بعض المشكلات التى يقابلها الناس فى زيجاتهم ، إذ يتصور كل طرف فى العلاقة الزوجية أن الآخر نمط محدد لا يتغير ، ومن ثم فالتوقعات ، والأحزان والأفراح ، لا تتغير . وهو تصور غير إنسانى ، فثمة قدر من الثبات ، ولكن ثمة قدرا من التغيير أيضا ، ولا بد أن يأخذ الإنسان كل شىء فى الحسبان .

عبد الوهاب المسيرى : رحلتى الفكرية .. فى البذور والجذور والثمر

الاثنين، 22 ديسمبر 2008

تحريف النبى .. كتقليد غربى


إن أكبر ضحايا التحريفى فى التاريخ هو رسول الإسلام . وضعه مايكل هارت 1978 على رأس قائمة المائة شخصية الأكثر تأثيرا فى تاريخ البشرية ، ولأنه الشخصية الوحيدة التى حققت نجاحا هائلا دينيا ودنويا .

ولكن كما قال مونتجومرى وات لا توجد شخصية عظيمة أساء الغرب تقديرها مثل محمد . فمن يوحنا الدمشقى فى القرن الثامن عشر ، ومرورا بدانتى الجيرى - الذى تصور محمدا فى المستوى التاسع من الجحيم - وانتهاء بسلمان رشدى ، أصبح تشويه محمد تقليدا غربيا .

وكما قالت آنا ماريل شمل : ريثير محمد - أكثر من أى شخص فى التاريخ - الذعر ، والكراهية ، والازدراء فى العالم المسيحى .

وطبقا لها ، من أسباب ذلك أن العالم المسيحى لا يتخيل ديانة أخرى بعد المسيحية ، ولا يفهم فعالية تلك الديانة وسر نجاحها وتحول كثير من مناطق البحر المتوسط إليها من المسيحية .

كلنا نعلم تشويه صورة محمد ووصفه بالاحتيال والنصب تارة ، والنفاق تارة أخرى ، مجنون سلطة ، مجنون جنس ، مصاب بالصرع .. باختصار نبى زائف وعدو للمسيح ويستحق لقب ( Mahound ( Monster الذى أعاد سلمان رشدى إطلاقه عليه .

ولكننا نعرف من دراسات قام بها غير مسلمين - مثل نورمان دانيل وإيكارت روتر - أن تلك البروباجاندا المسيحية المستمرة ضد محمد لا تصمد أمام الحقيقة ، وقد أثبتت الوثائق منذ القرن الثالث عشر وحتى منتصف القرن الرابع عشر تلك الحقيقة المزرية ، فحتى أساس الإسلام ، الشهادة ، تم تحريفها إلى أشهد أن لا إله إلا محمد !

مراد هوفمان : الإسلام كبديل

السبت، 20 ديسمبر 2008

الربيع الأزرق


ما أجمل الأرض على حاشية الأزرقين البحرَ والسماء ؛ يكاد الجالس هنا يظن نفسه مرسوما فى صورة إلهية

***

فى جمال النفس يكون كل شىء جميلا ، إذ تلقى النفس عليه من ألوانها ، فتنقلب الدار الصغيرة قصرا لأنها فى سعة النفس لا فى مساحتها هى ، وتعرف لنور النهار عذوبة كعذوبة الماء على الظمأ ، ويظهر الليل كأنه معرض جواهر أقيم للحور العين فى السماوات ، ويبدو الفجر بألوانه وأنواره ونسماته كأنه جنة سابحة فى الهواء

فى جمال النفس ترى الجمال ضرورة من ضرورات الخليقة ؛ وى ! كأن الله أمر العالم ألا يعبس لقلب مبتسم

***

وا أسفاه ! هذه هى الحقيقة : إن دقة الفهم للحياة تفسدها على صاحبها كدقة الفهم للحب ، وإن العقل الصغير فى فهمه للحب والحياة ، هو العقل الكامل فى التذاذه بهما . وا أسفاه ! إنها الحقيقة !

***

من لم يرزق الفكر العاشقَ لم ير أشياء الطبيعة إلا فى أسمائها وشياتها ، دون حقائقها ومعانيها ، كالرجل إذا لم يعشق رأى النساء كلهن سواء ، فإذا عشق رأى فيهن غير من عرف ، وأصبحن عنده أدلة على صفات الجمال التى فى قلبه


الرافعى : من وحى القلم ( وهى مقطوعات من مقالته التى كتبها فى المصيف : فى الربيع الأزرق خواطر مرسلة )

التاريخ والإنسان


والانشغال بالتاريخ يعنى ألا ينظر الإنسان إلى واقعه بشكل مباشر ، وألا يستجيب له بجهازه العصبى أو بصفحة عقله البيضاء ، وألا يرى اللحظة الراهنة بحُسبانها البداية والنهاية ، إنما بحُسبانها نقطة يلتقى فيها الماضى بالمستقبل ، وألا يتصور أنه عالم بسيط يمكن اختزاله فى قانون أو قانونين ، وإنما يراه من خلال عدسات وبؤر وذكريات وتقاليد ورموز .

أى أن الإنسان يواجه العالم من خلال إنسانيته وخريطته الإدراكية المركبة ، لا من خلال ماديته ، وأنه كفرد ليس هو البداية والنهاية ، وإنما هو امتداد للماضى فى الحاضر ، ومن ثم فى المستقبل .

عبد الوهاب المسيرى : رحلتى الفكرية ( الجزء الأول )

الأربعاء، 17 ديسمبر 2008

فات الأوان

أنت يا من جئت من قبر سنينى
لا تقولى حان وقت الحب حان
حان وقت الشعر فانهض بحنان
هذه عيناى فارسمها أغانْ
هذه خِصلات شعرى تتهادى
جنان ... وجنى الجنتين دان
فاقطف الخد ورودا وعقودا
وقوافى سحرُها لاح وبان
وانس أشجانك من شهد رُضابى
فلمن ذاق رُضابى جنتان
وادفن الأسرار فى صدرى ليلا
إن صدرى فى الدجى تلّ افتنان

***
أنت لا تريدين شيئا صدقينى
أنا ما عدت كما كنتُ زمان
أنا ما عدت أليفا شاعريا
أنسج الأشعار شالا من حنان
كل شىء ضاع منى .. كلماتى
ولحونى .. وأمانىَّ الحسان
أين أوراقى وأقلامى تراها !
أين راعى الشعر يرخى لى العنان
أقفر القلب فهيهات أغنى
ودموعى فوق خدى كالجمان
هربت كل المعانى والقوافى
وبنانى لم يعد ذاك البنان

***

أى شعر تبتغين الآن منى !
قد قتلت الشعر بالغدر وهان
لم تعد عيناك بعد الغدر نبعا
يلهم الأشعار من سحر البيان
لم أعد أعشق فى خديك بيتى
مثلما العصفور يهوى الأقحوان
صدقيتى .. كل حب ليس ينسى
سوف ينسى إن أتى يوما وخان
إنه الإخلاص إكسير عجيب
يحفظ الأحباب من غدر الزمان
يجعل الدنيا كلحن شاعرى
مشرقىّ سال من ثغر كمان
صدقينى .. أنت قد أسكت شعرى
فارحلى عنى .. فقد فات الأوان
* *
شعر : عبد الرحمن يوسف من ديوان نزف الحروف

الاثنين، 15 ديسمبر 2008

حب فى زمن الخلفاء .. خلفاء فى زمن الحب


والمقصود أن الشفاعة للعشاق فيما يجوز من الوصال والتلاق سنة ماضية وسعي مشكور، وقد جاء عن غير واحد من الخلفاء الراشدين ومن بعدهم أنهم شفعوا هذه الشفاعة ؛ فقال الخرائطي حدثنا علي بن الأعرابي حدثنا أبو غسان النهدي قال مر أبو بكر الصديق رضي الله عنه في خلافته بطريق من طرق المدينة فإذا جارية تطحن برحاها وهي تقول :

وهويته من قبل قطع تمائمي * متمايسا مثل القضيب الناعم
وكأن نور البدر سنة وجهه * ينمي ويصعد في ذؤابة هاشم

فدق عليها الباب فخرجت إليه ، فقال : ويلك أحرة أنت أم مملوكة ؟ فقالت بل مملوكة يا خليفة رسول الله ، قال فمن هويت ؟ ، فبكت ثم قالت : بحق الله إلا انصرفت عني ، قال : لا أريم أو تعلميني ، فقالت :
وأنا التي لعب الغرام بقلبها * فبكت لحب محمد بن القاسم

فصار إلى المسجد وبعث إلى مولاها فاشتراها منه وبعث بها إلى محمد بن القاسم بن جعفر بن أبي طالب وقال هؤلاء فتن الرجال وكم قد مات بهن من كريم وعطب عليهن من سليم .

ويذكر عن عثمان بن عفان رضي الله عنه أنه جاءته جارية تستعدي على رجل من الأنصار فقال لها عثمان ما قصتك فقالت : يا أمير المؤمنين كلفت بابن أخيه فما أنفك أراعيه ، فقال له عثمان إما أن تهبها لابن أخيك أو أعطيك ثمنها من مالي ، فقال : أشهدك يا أمير المؤمنين أنها له .

وأتي علي بن أبي طالب بغلام من العرب وُجد في دار قوم بالليل فقال له ما قصتك ، فقال : لست بسارق ، ولكني أصدقك

تعلقت في دار الرباحي خودة * يذل لها من حسنها الشمس والبدر
لها في بنات الروم حسن ومنصب * إذا افتخرت بالحسن صدقها الفخر
فلما طرقت الدار من حر مهجة * أتيت وفيها من توقدها جمر
تبادر أهل الدار لي ثم صيحوا * هو اللص محتوما له القتل والأسر

فلما سمع علي شعره رق له وقال للمهلب بن رباح اسمح له بها ونعوضك منها فقال يا أمير المؤمنين سله من هو لنعرف نسبه فقال النهاس بن عيينة العجلي فقال خذها فهي لك .

ابن القيم الجوزية : روضة المحبين ونزهة المشتاقين

الأحد، 14 ديسمبر 2008

الملك والعدل .. لغة عالمية من قديم



ومن كلام الموذبان بهرام بن بهرام فى حكاية البوم التى نقلها المسعودى : أيها الملك إن الملك لا يتم عزه إلا بالشريعة والقيام لله بطاعته والتصرف تحت أمره ونهيه ولا قوام للشريعة إلا بالملك ولا عز للملك إلا بالرجال ولا قوام للرجال إلا بالمال ولا سبيل للمال إلا بالعمارة ولا سبيل للعمارة إلا بالعدل والعدل الميزان المنصوب بين الخليقة نصبه الرب وجعل له قيِّما وهو الملك "

ومن كلام أنوشروان فى هذا المعنى بعينه : الملك بالجند والجند بالمال والمال بالخراج والخراج بالعمارة والعمارة بالعدل والعدل بإصلاح العمال وإصلاح العمال باستقامة الوزراء ورأس الكل بافتقاد الملك حال رعيته بنفسه واقتداره على تأديبها حتى يملكها ولا تملكه .

عبد الرحمن بن خلدون : مقدمة ابن خلدون

الجمعة، 12 ديسمبر 2008

العيد .. يوم حب وجمال بعيون أطفال


جاء يوم العيد ؛ يوم الخروج من الزمن إلى زمن وحده لا يستمر أكثر من يوم .
زمن قصير ظريف ضاحك ، تفرضه الأديان على الناس ، ليكون لهم بين الحين والحين يوم طبيعى فى هذه الحياة التى انتقلت عن طبيعتها .
يوم السلام ، والبشر ، والضحك ، والوفاء ، والإخاء ، وقول الإنسان للإنسان : وأنتم بخير .
يوم الثياب الجديدة على الكل إشعارا لهم بأن الوجه الإنسانى جديد فى هذا اليوم .
يوم الزينة التى لا يراد منها إلا إظهار أثرها على النفس ، ليكون الناس جميعا فى يوم حب .


يوم العيد ؛ يوم تقديم الحلوى إلى كل فم لتحلو الكلمات فيه ...
يوم تعم الناس فيه ألفاظ الدعاء والتهنئة مرتفعة بقوة إلهية فوق منازعات الحياة .
ذلك اليوم الذى ينظر الإنسان إلى نفسه نظرة تلمح السعادة ، وإلى أهله نظرة تبصر الإعزاز ، وإلى داره نظرة تدرك الجمال ، وإلى الناس نظرة ترى الصداقة .
ومن كل هذه النظرات تستوى له النظرة الجميلة إلى الحياة والعالم ؛ فتبتهج نفسه بالعالم والحياة .وما أسماها من نظرة تكشف للإنسان أن الكل جماله فى الكل !
***

وخرجت أجتلى العيد فى مظهره الحقيقى على هؤلاء الأطفال السعداء .
على هذه الوجوه النضرة التى كبرت فيها ابتسامات الرضاع فصارت ضحكات .
وهذه العيون الحالمة التى بكت بكت بدموع لا ثقل لها .
وهذه الأفواه الصغيرة التى تنطق بأصوات لا تزال فيها نبرات الحنان من تقليد لغة الأم .
وهذه الأجسام الغضة القريبة العهد بالضمات واللثمات فلا يزال حولها جو القلب .

على هؤلاء الأطفال السعداء الذين لا يعرفون قياسا للزمن إلا بالسرور .
وكل منهم ملك فى مملكة ؛ وظَرفهم هو أمرهم الملوكى .
هؤلاء المجتمعين فى ثيابهم الجديدة المصبغة اجتماع قوس قزح فى ألوانه .
ثياب عملت فيها المصانع والقلوب ، فلا يتم جمالها إلا بأن يراها الأب والأم على أطفالها .
ثياب جديدة يلبسونها فيكونون هم أنفسهم ثوبا جديدا على الدنيا .

فيا أسفا علينا نحن الكبار ! ما أبعدنا عن سر الخلق بآثام العمر !
وما أبعدنا عن سر العالم ، بهذه الشهوات الكافرة التى لا تؤمن إلا بالمادة !
يا أسفا علينا نحن الكبار ! ما أبعدنا عن حقيقة الفرح !
تكاد آثامنا والله تجعل لنا فى كل فرحة خجْلة ...

أيتها الرياض المنورة بأزهارها ، أيتها الطيور المغردة بألحانها ، أيتها الأشجار المصفقة بأغصانها ، أيتها النجوم المتلأ لئة بالنور الدائم ، أنت شتى ولكنك جميعا فى هؤلاء الأطفال يوم العيد .

مصطفى صادق الرافعى : من وحى القلم ( الجزء الأول )

الجمعة، 10 أكتوبر 2008

عن تعدد الزوجات .. بهدوء


هناك حالات واقعية فى مجتمعات كثيرة - تاريخية وحاضرة - تبدو فيها زيادة عدد النساء الصالحات للزواج على عدد الرجال الصالحين للزواج .. والحد الأعلى لهذا التفاوت الذى يعترى بعض المجتمعات لم يعرف - تاريخيا - أنه تجاوز نسبة أربعة إلى واحد وهو يدور دائما فى حدودها ، وهذه حقيقة علمية .

إذن فلنختر حلا لهذه المشكلة من أحد الحلول الثلاثة الآتية التى يرضاها الدين وترضاها النفس البشرية القويمة :

1- أن يتزوج كل رجل صالح للزواج واحدة فقط ، زواجا شرعيا ، ثم تبقى واحدة أو أكثر بدون زواج ، تقضى حياتها لا تعرف الرجال .

2- أن يتزوج الرجال الصالحون كل واحد منهم زواجا شرعيا نظيفا ، ثم يخادن أو يسافح واحدة أو أكثر من هؤلاء اللواتى ليس لهن مقابل فى المجتمع من الرجال .

3- أن يتزوج الرجال الصالحون أكثر من واحدة ، وأن تعرف المرأة الأخرى الرجل ، وتكون زوجة شريفة فى وضح النهار .

فماذا تريدون يا أدعياء الحضارة والمدنية ؟!


سيد قطب : فى ظلال القرآن ، تفسير أول مقطع من سورة النساء

الأربعاء، 3 سبتمبر 2008

بعد عام


كاد يمضى العام يا حلو التثنى .. أو تولى

ما اقتربنا منك إلا بالتمنى .. ليس إلا

مذ عرفناك عرفنا كل حسن .. وعذاب

لهب فى القلب فردوس لعينى .. فى اقترابى

غير أنا لا نرى الفردوس إلا .. رسم راسم

وشربنا من جحيم الحب مهلا .. شرب هائم

لا تلمنى إن قلبى خاننى .. أو عشقتك

لم يكن منى إلا أننى .. قد رأيتك


من ديوان العقاد

الأربعاء، 13 أغسطس 2008

سيرانو دى برجراك .. الشاعر



شاعر فرنسى من شعراء القرن السابع عشر .. نشأ غريبا فى أطوراه متفردا بصفات قل أن تجتمع لأحد من معاصريه ، فكان جامعا بين الشجاعة إلى درجة التهور ، والخجل إلى درجة الضعف ، وبين القسوة إلى معاقبة أعدائه على أصغر الهفوات ، والرقة إلى البكاء على بؤس البائسين من أصدقائه وأبناء حرفته ، وكان كريما متْلافا لا يبقى على شىء مما فى يده ، وعفيفا لا يمد يده إلى مخلوق كائنا من كان ، وصريحا لا يتردد لحظة واحدة فى مجابهة صاحب العيب بعيبه كيفما كانت النتيجة المترتبة على ذلك . فكان عدو الكاذبين والمرائين والمغرورين والسفلة والمتملقين ، أى أنه كان عدوا للهيئة الاجتماعية التى يعيش فيها تقريبا ، كما كانت عدوة له كذلك ، لا تهدأ عن مشاكسته ومناوأته وابتغاء العوائل به .


ولم يكن له من الأصدقاء إلا أفراد قلائل جدا هم الذين يفهمون حقيقة نفسه وجوهرها ، ويقدرونه قدره وقدر صفاته الكريمة التى كان يتصف بها .

وكان الخلق الغالب عليه من بين جميع أخلاقه خلق العزة والأنفة فكان شديد الاحتفاظ بكرامته والضن بعرضه أن ينال منهما نائل أو يعبث بهما عابث ، وكان لا يُرى فى أكثر أوقاته إلا مبارزا أز مناضلا أو ثائرا أو مهتاجا واضعا يده على مقبض سيفه أو ملقيا قفازه على وجه خصمه ، شأن الفوارس الأبطال فى ذلك العصر .
رواية الشاعر : إدمون روستان ، تعريب : مصطفى لطفى المنفلوطى

الإسلام والمسيحية الشمالية .. مراحل الصراع



والآن تستطيع أن تتبين أربع مراحل واضحة للصراع الذى دار بين المسيحية الشمالية ولإسلام :


المرحلة الأولى :

صراع الغضب لهزيمة المسيحية فى أرض الشام ودخول أهلها فى الإسلام ، فبالغضب أمَّلت اختراق دار الإسلام لتسترد ما ضاع ، تدفعها بغضاء حية متسامحة ، لم تمنع ملكا ولا أميرا ولا راهبا أن يمد المسلمين بما يطلبونه من كتب " علوم الأوائل " ، ( الإغريق ) ، التى كانت تحت يد المسيحية يعلوها التراب ، وظل الصراع قائما لم يفتر ، أكثر من أربعة قرون .

المرحلة الثانية :

صراع الغضب المتفجر المتدفق من قلب أروبة ، مشحونا ببغضاء جاهلية عاتية عنيفة مكتسحة مدمرة سفاحة للدماء ، سفحت أول ما سفحت دماء أهل دينها من رعايا البيزنطية ، جاءت تريد هى الأخرى ، اختراق دار الإسلام ، وذلك عهد الحروب الصليبية الذى بقى فى الشام قرنين ، ثم ارتد خائبا إلى مواطنه فى قلب أوربة .

المرحلة الثالثة :


صراع الغضب المكظوم الذى أورثه اندحار الكتائب الصليبية ، من تحته بغضاء متوهجة عنيفة ، ولكنها مترددة يكبحها اليأس من من اختراق دار الإسلام مرة ثالثة بالسلاح وبالحرب ، فارتدعت لكى تبدأ فى إصلاح خلل الحياة المسيحية ، بالاتكاء الشديد الكامل على علوم دار الإسلام ، ولكى تستعد لإخراج المسيحية من مأزق ضنك موئس ، وظلت على ذلك قرنا ونصف قرن .

المرحلة الرابعة :

صراع الغضب المشتعل بعد فتح القسطنطينية ، يزيده اشتعالا وتوهجا وقود من لهيب البغضاء والحقد الغائر فى العظام على " الترك " ، ( أى المسلمين ) ، وهم شبح مخيف مندفع فى قلب أوربة ، يلقى ظله على كل شىء ،ويفزع كل كائن حى أو غير حى بالليل و بالنهار ، وإذا كانت المراحل الثلاث الأول لم تصنع للمسيحية شيئا ذا بال ، فصراع الغضب المشتعل بلهيب البغضاء والحقد هو وحده الذى صنع لأوربة كل شىء إلى يومنا هذا .

صنع كل شىء ، لأنه هو الذى أدى بهم إلى يقظة شاملة قامت على الإصرار ، وعلى المجاهدة والمثابرة على تحصيل العلم وعلى إصلاح خلل الحياة المسيحية ، ولكن لم يكن لها يومئذ من سبيل ولا مدد ، إلا المدد الكائن فى دار الإسلام ، من العلم الحى عند علماء المسلمين ، أو العلم المسطر فى كتب أهل الإسلام . فلك يترددوا ، وبالجهاد الخارق ، وبالحماسة المتوقدة ، وبالصبر الطويل ، انفكت أغلال " القرون الوسطى " بغتة عن قلب أوروبة ، وانبعثت نهضة " العصور الحديثة " مستمرة إلى هذا اليوم .
محمود محمد شاكر : رسالة فى الطريق إلى ثقافتنا

السبت، 9 أغسطس 2008

ضد التاريخ الإسلامى



هذ ويمكن القول أن المؤامرة على تاريخ الإسلام قد عملت فى حقول عديدة أهمها :


أولا : التركيز على المناهج الدراسية وإفسادها .

ثانيا : إثارة الشبهات حول الخطط والمواقف والدول والحكام .

ثالثا : تحريف النصوص وإعلاء الروايات الضعيفة .

رابعا : تجديد الإسرائيليات القديمة ، وإعداد إسرائيليات جديدة .

خامسا : إفساد مفهوم فريضة الجهاد وتأويله .

سادسا : الدعوة المسمومة إلى تحرير التاريخ من ارتباطه بالأمة الإسلامية ومقوماتها .

سابعا : إثارة التعارض والتضارب بين القيم المتلاقية كالعروبة والإسلام والفرعونية والأشورية والفينيقية .

ثامنا : ابتعاث الأساطير وإعادة صياغتها فى داخل التاريخ الإسلامى وسيرة الرسول .

تاسعا : محاولة تمزيق التاريخ الإسلامى الموحد ( مصدرا وحركة وغاية ) إلى تواريخ مستقلة لأقطار مختلفة .

عاشرا : إذكاء روح الإقليمية والقومية بمفاهيمها الضيقة والعنصرية للقضاء على الروح الإسلامية .

حادى عشر : محاولة تصوير المؤامرات التى قامت بها الفرق الضالة كالقرامطة والزنج والباطنية على أنها دعوات عدل وحرية .

ثانى عشر : محاولة اعتبار التاريخ الحديث فى الأقطار العربية تاريخا مصريا أو سوريا أو عراقيا أو مغربيا منفصلا عن أصوله العربية والإسلامية .

ثالث عشر : إفساد الرابطة العميقة بين الحنيفية دين إبراهيم وبين الإسلام ، سواء من الناحية التاريخية أو العقدية أو الارتباط بين الموجات العربية التى خرجت من الجزيرة العربية إلى الشام والعراق ومصر والمغرب .

رابع عشر : محاولة إحياء علاقة مقطوعة بين ما قبل الإسلام وما بعده عن طريق إحياء الفكر الوثنى القديم ، سواء فى الفرعونية أو الفينيقية واليونانية أو الفارسية .

خامس عشر : محاولة تفسير التاريخ الإسلامى والمعاصر وفق مذاهب غربية وافدة ، كالتفسير الغربى المسيحى ، والتفسير الماركسى الاشتراكى .

سادس عشر : محاولة تصوير القرن الثانى الهجرى على أنه عصر شك ومجون عن طريق اعتبار بعض الشعراء المجان وهم قلة معزولة ممثلين لعصرهم فيما يتجاهل الباحث عشرات العلماء والفقهاء والأصوليين والمفكرين .

سابع عشر : إنكار وجود شخصية عبد الله بن سبأ هدما لأثره الواضح فى تمزيق وحدة المسلمين ، وتزييف وقائع الفتنة الكبرى ، وتبرئة اليهود منها .

ثامن عشر : محاولة تفسير البطولة الإسلامية وفق المذاهب الغربية اعتمادا على موروثات البيئة والعرق .

تاسع عشر : اتهام الدولة العثمانية بأنها دولة مستعمرة ؛ استعمرت بلاد العرب ، واتهام السلطان عبد الحميد الثانى بالاستبداد ن بينما وقف السلطان عبد الحميد موقفا مشرفا فى مواجهة مؤامرات الصهيونية ومحاولتها الاستيلاء على فلسطين .

عشرون : محاولة القول بأن نهضة العرب لم تبدا إلا بوصول الحملة الفرنسية إلى مصر بينما المعروف أن النهضة العربية الإسلامية قد بدأت قبل ذلك بأكثر من خمسين عاما بدعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب من الجزيرة العربية ، وعلماء الأزهر الذين دعوا إلى التوحيد ، والتماس المنابع فى القرآن والسنة .




أنور الجندى : تأصيل اليقظة وترشيد الصحوة ، ص 29

الأحد، 3 أغسطس 2008

ابن حزم يحدث عن الحب والمحبين



الحب - أعزك الله - أوله هزل وآخره جد. دقت معانيه لجلالتها عن أن توصف، فلا تدرك حقيقتها إلا بالمعاناة. وليس بمنكر في الديانة ولا بمحظور في الشريعة، إذ القلوب بيد الله عز وجل وقد أحب من الخلفاء المهدبين والأئمة الراشدين كثير، منهم بأندلسنا عبد الرحمن بن معاوية لد عجاء، والحكم بن هشام، وعبد الرحمن بن الحكم وشغفه بطروب أم عبد الله ابنة أشهر من الشمس، ومحمد بن عبد الرحمن وأمره مع غزلان أم بنيه عثمان والقاسم والمطرف معلوم، والحكم المستنصر وافتتانه بصبح أم هاشم المؤيد بالله رضي الله عنه وعن جميعهم وامتناعه عن التعرض للولد من غيرها. ومثل هذا كثير، ولولا أن حقوقهم على المسلمين واجبة - وإنما يجب أن نذكر من أخبارهم ما فيه الحزم وإحياء الدين وإنما هو شيء كانوا ينفردون به في قصورهم مع عيالهم فلا ينبغي الإخبار به عنهم - لأوردت من أخبارهم في هذا الشأن غير قليل .

ومن الصالحين والفقهاء في الدهور الماضية والأزمان القديمة من قد استغنى بأشعارهم عن ذكرهم : وقد ورد من خبر عبيد الله عتبة بن مسعود وشعره ما فيه الكفاية. وهو أحد فقهاء المدينة السبعة وقد جاء من فتيا ابن عباس رضي الله عنه مالا يحتاج معه إلى غيره حين يقول: هذا قتيل الهوى لا عقل ولا قود .

ابن حزم الأندلسى : طوق الحمامة ( فى الألفة والألاف ) ، فصل ماهية الحب .

السبت، 19 يوليو 2008

مدارس السخط القطبية


فالسخط هو دليل الحيوية الكامنة ، والرضى بهذه الحال المائلة نوع من اليأس والتشاؤم يقتل الأمم ، أو يؤدى بها إلى الاضمحلال ، [ وللسخط مدارس وعددها بعدد المسخوط عليهم ] :



1- مدرسة للسخط على رجال السياسة الذين يتهاترون ، ثم يتحدون أمام " دار الحماية التى هى دار السفارة " الإنجليزية .


2- مدرسة للسخط على الكتاب والصحفيين الذين لعب الساسة بضمارهم وذممهم .


3- مدرسة للسخط على الوزراء الملهوفين على مقعد الوزارة لمجرد الجلوس لا خدمة الشعب .


4- مدرسة للسخط على الباشوات وغيرهم ، ممن يعملون أعضاء بمجالس الشركات ليكونوا ستارا لها فى استغلال الشعب واستغفاله ، " وَمَا يَأكلُون فِى بُطونِهم إلا النَّارَ " !


5 - مدرسة للسخط على الأرستقراطيين ذوى الأصول المشكوك فيها ، ممن يشمئزون من الفلاحين وأبناء الشعب .


6- مدرسة للسخط على غير الأرستقراطيين من أبناء الشعب الذين يسخطون على " مجانية التعليم " وغيرها من الخدمات الشعبية .


7- مدرسة للسخط على الإذاعة التى تنقل ما فى المواخير والصالات إلى كل بيت ، وعلى نفقة الشعب .


8- مدرسة للسخط على الصحافة الداعرة التى تسمى نفسها " صحافة ناجحة " وفى الوقت ذاته تخدم الاستعمار وتثبط الجهاد ضده .


9- مدرسة للسخط على الشعب ذاته ، لأنه يسمح بكل هذه " المساخر " ، ويتقبل كل تلك الأوضاع دون أن ينتفض .


سيد قطب : فى مقال بعنوان " مدارس للسخط - مجلة الرسالة - 30 سبتمبر 1964

خيبة الحرب العالمية الثانية .. ورجعة العلمانية المصرية


صبغ المشهد الثقافى المصرى إبان الحرب العلمانية الأولى بصبغة عالمية ، قامت على أكتاف أدباء ومثقفو تلك الفترة من هيكل والمازنى والعقاد وسلامة موسى والزيات وأحمد أمين وطه حسين الذين تشدقوا للغرب روحا وعقلا ن ثقافة وحضارة ، أدبا وعلما ، ولكنها ما لبثت أن انقشعت سحب الحرب عن نتائجها المخيبة لآمال الأمة وقتئذ ، حتى شعر الناس بالضياع ، عاميهم ونخبهم ، وعند ذلك فقط لجئوا إلى الدين مرة أخرى ، وتخلوا نسبيا عن أقنعة العلمانية ، حتى بلور ذلك محمد حسين هيكل فى مفتتح كتابه " فى منزل الوحى " :


" حاولت أن أنقل لأبناء لغتى ثقافة الغرب المعنوية ، وحياته الروحية ، لنتخذها جميعا هدى ونبراسا . لكننى أدركت بعد لأى أننى أضع البذر فى غير منبته ، فإذا الأرض تهضمه ثم لا تتمخض عنه ، ولا تبعث الحياة فيه . وانقلبت ألتمس فى تاريخنا البعيد فى عهد الفراعين موئلا لوحى هذا العصر ينشىء فيه نشأة جديدة ، ، فإذا الزمن ، وإذا الركود العقلى قد قطع ما بيننا وبين ذلك العهد من سبب قد يصلح بذرا لنهضة جديدة ، وروأت فرأيت أن تاريخنا الإسلامى هو وحده البذر الذى ينبت ويثمر ، ففيه حياة تحرك النفوس ، وتجعلها تهتز وتربو "


... مما جعل المستشرقين يصفون تلك الحقبة بـ " مرحلة الرجعية " فى تطور مصر الثقافى خلال الحقبة الليبرالية الوطنية ( 1919 - 1952 ) مقابل " المرحلة التقدمية " - كما سموها - التى بلغت ذروتها عقب الحرب العالمية الأولى .


د.على شلش ( بتصرف ) : التمرد على الأدب - دار الشروق

الأحد، 29 يونيو 2008

تجربة الجهاد الأفغانى

لا أعرف فى العصر الحديث تجربة جسدت معنى الجهاد الإسلامى بمثل ما تجلى ذلك فى الجهاد الأفغانى ، ولا أعرف ظلما نزل بتجربة نضالية فى تلك المرحلة بقدر ذلك الظلم الذى حل بالجهاد الأفغانى ، ربما لأن عناصر استنفار الغير الإسلامى كانت مكتملة فى تلك التجربة الفريدة . فهذا بلد مسلم تعرض للاحتلال من جانب دولة شيوعية تتبنى الإلحاد وتدعو إليه ، ثم خرج أهله الأفغان يقاومون رافعين راية " الجهاد " ، وهى الكلمة التى ما إن أطلقت فى الفضاء الإسلامى الواسع حتى كان لها مفعول السحر ؛ إذ ترددت أصداؤها فى كل ضمير مسلم حيثما وجد ، الأمر الذى استنفر نفرا من أبناء المسلمين فى كل مكان ، وجمع على أرض الجهاد أشتاتا منهم لا تلتقى إلا فى موسم الحج .

بل ربما كانت تلك هى المرة الأولى فى العصر الحديث التى يجتمع فيها المسلمون بذلك القدر من التنوع خارج الأراضى المقدسة ، ويكون الجهاد فى سبيل الله هو الراية التى التفوا حولها ، وتكون الشهادة منتهى أمل كل واحد منهم .
فهمى هويدى : مقدمة ذكريات عربى أفغانى ، للدكتور / أيمن فرج صبرى

الخميس، 19 يونيو 2008

تطور حركات اليقظة الإسلامية الكبرى .. من الوهابية إلى السنوسية


بعد مائة عام من قيام الحركة الوهابية كفكرة ، ثم تحولها إلى عمل سياسى فى ظل دولة ، قامت الحركة السنوسية التى حولت فكر ابن عبد الوهاب - مع بعض الإضافات - إلى جماعية قوامها زوايا بلغت المائة والأربعين ، ممتدة فى تونس والجزائر ، وفارس وبرقة ، ومصر والحجاز ، واليمن والسودان ، والهند وتركيا ، وكلها متصلة اتصالا وثيقا كاملا بمركزها العام فى زاوية " جغبوب " ، وتقوم هذه الزوايا على نظام عملى شامل ، قوامه العبادة والرزق والثقافة ، حيث تضم مسجدا ، ومدرسة ، وحقلا ، ومصنع أسلحة .
أنور الجندى : تاريخ اليقظة الإسلامية - ص 50

الأحد، 16 مارس 2008

أصنام الماضي .. وأصنام العصر


وصل عدد الآلهة المعبودة في القرن السادس الميلادي إلى 330 مليون إله ، ولن يتخيل ذلك الرقم إلا إذا علمنا أن ثلثمائة وستون صنما كانوا في جوف الكعبة فقط .

أما في عصرنا فقد أجاد التعبير عن ذلك الصحفي الأمريكي المشهور (Jhon Gunther ) في تمثيله النفسية الأوروبية ، ونسبة توجههم إلى الدين في كتابه ( Inside Europe ) حيث قال : إن الإنجليز إنما يعبدون بنك إنجلترا ستة أيام في الأسبوع ، ويتوجهون في اليوم السابع إلى الكنيسة " .

من كتاب : ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين لـ : أبي الحسن الندوي

السبت، 1 مارس 2008

التخطيط للقضاء على الخلافة


كان القضاء على القوة السياسية للعالم الإسلامي المتمثلة في " الدولة العثمانية " من الأهداف الأساسية للغرب ، وقد بدأ التخطيط لذلك منذ عام 1291 م ، أي عشية انتهاء الحروب الصليبية ، واستمرت حتى حققت هدفها عام 1918 ، ولم تكن العداوة المزمنة التي يشعر بها الأوربيون للأتراك ، والتي من أجلها يميلون إلى حصرهم في آسيا راجعة إلا للعداء الشديد الواقع بين النصرانية والإسلام .


ولقد ظلت الدعوة قائمة إلى ( عمل مشترك لدحر الإسلام ) ، وأنه في خلال فترة ستة قرون متتابعة كانت الشعوب المسيحية ( الأوروبية ) تهاجم الدولة العثمانية ، وكان الوزراء ورجال السياسة ، وأصحاب الأقلام يهيئون برامج تقسيم هذه السلطنة .


وإن السلطنة العثمانية وإن لم تكن سقطت كلها دفعة واحدة ، فقد تساقطت قطعة بعد قطعة مدة هذه الأعصر الطوال ، التي كانت أوروبا خلالها تناصبها العداء .



من كتاب : مائة مشروع لتقسيم تركيا لـ : دوجوفارا

الاثنين، 11 فبراير 2008

تأخر الزواج وعلاقته بالسن .. سعوديا




من المعروف أن العرف المتعلق بالسن والاختيار في الزواج يضع قيودا كثيرة تحد من فرص المرأة في الزواج أكثر من الرجل ، وذلك لأن المرأة لا يسمح لها بأن تتزوج إلا من رجال يماثلونها سنا ، أو يكبرونها وهذا يقلل من فرصها في الزواج .

ففي المجتمع السعودي نلاحظ تأخر سن الزواج بالنسبة للفتاة ، وذلك بسبب التعليم الجامعي . فالشاب يبحث عن فتاة تماثله في العمر أو تصغره ، بل في الغالب لا يرغب الشاب في الزواج من فتاة تماثله ، بل لابد أن تكون أصغر منه ، فهو عندما يتخرج يبحث عن فتاة لم تتخرج بعد أو فتاة لا زالت في المرحلة الثاناوية ، وهذا سبب في ظهور ما يسمي بالعزوف عن الزواج بالجامعيات في مجتمعنا .

كذلك الشاب في اعتقادي أنه لا يزال يرتبط بعض العادات والتقاليد التي تشجع أن تكون الزوجة أصغر من الرجل بعدد كبير من السنوات ، وليس معنى هذا أن هذه العادات والتقاليد غير مقبولة ، لكن المقصود هو توضيح أن المجتمع يتغير ، ونحن يجب أن نسلم بتعليم الفتاة ، فالشاب يجب أن يغير اتجاهه نحو الزواج ويتزوج من فتاة تصغره بعدد قليل من السنوات 1- 2 أو تماثله في العمر ، وذلك للقضاء على مشكلة العزوف

أ . د / إبراهيم بن مبارك الجوير ( أستاذ علم الاجتماع ) – من كتاب : تأخر الشباب الجامعي في الزواج

الجمعة، 1 فبراير 2008

أمريكا لا تستطيع قمع الكأس



صنعت حكومة أمريكا الخمر ، ولكن لم تلبث أن طاردتها في بلادها ، واستعملت جميع وسائل المدنية الحاضرة كالمجلات ، والجرائد ، والمحاضرات ، والصور ، والسينما ، لبيان مضارها ومفاسدها .

ويقدرون ما أنفقه الدولة في الدعاية ضد الخمر بما يزيد على 60 مليون دولار ، وإن ما نشرته من الكتب والنشرات ، يشتمل على 10 ملايين صفحة ، وما تحملته في تنفيذ قانون التحريم في مدة أربعة عشر عاما ، لا يقل عن 250 مليون جنيه ، وقد أعدم فيها 300 نفس ، وسجن 52335 نفس ، وبلغت الغرامات إلى 160 مليون جنيه .

ولكن كل ذلك لم يزد الأمة الأمريكية إلا غراما بالخمر ، وعنادا في تعاطيها ، حتى اضطرت الحكومة سنة 1933 إلى سحب القانون ، وإباحة الخمر في دولتها إباحة مطلقة .
من : تنقيحات لأبي الأعلى المودودي

الأربعاء، 9 يناير 2008

معاركنا .. ومعاركهم


لا يفوق عدد المقتولين من الفريقين - المسلم منهم والكافر - في جميع الغزوات ، والسرايا ، والمناوشات ، التي بدأت من السنة الثانية للهجرة ، ودامت إلى السنة التاسعة ، على ألف وثمانية عشر نفسا ( 1018 ) ، المسلمون منهم 259 ، والكفار 759 .

أما في عصر المدنية فقد بلغ عدد المصابين في الحرب العالمية الأولى واحدا وعشرين مليون نسمة ، عدد المقتولين منهم سبعة ملايين ، أما المصابين في الحرب العالمية الثانية لا يقل عددهم على خمسين مليونا .
وقد كلف قتل رجل واحد في الحرب العالمية الأولى عشرة آلاف جنيه ، أما مجموع نفقاتها فيبلغ سبعة وثلاثين مليار جنيه .

أما نفقات الحرب العالمية الثانية لساعة واحدة ، فمليون من الجنيهات .

من كتاب ( ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين ) لـ : الحسن الندوي - رحمه الله -